الكتاب وأظهر الشهود مكان الشهادة وقال قد أوصيت بما أردته في هذا الكتاب، ولست أختار أن يقف أحد على حالي وتركتي قد أشهدتكما على ما فيه، لم يصح هذا التحمل بلا خلاف، فكذلك ههنا.
هذا الكلام في التحمل والأداء، فأما الكلام فيما يكتب الحكم به نظرت فإن حضره خصمان فحكم على أحدهما بحق في ذمته ففر المحكوم عليه، فسأل المحكوم له أن يكتب له بذلك كتابا كتب له بلا خلاف، لأنه قضاء على حاضر، وقد أقر بعد أن قضى به عليه، فيكتب بذلك.
وإن أقامت البينة عليه بالحق فهرب قبل أن يحكم عليه أو حضر فادعى حقا على غائب وأقام به بينة كان له أن يقضي عليه وهو غائب، وهذا قضاء على غائب وفيه خلاف.
فإذا قضى عليه فسأله أن يكتب له بذلك كتابا إلى قاض آخر جاز ولا فصل في هذا الفصل وفي الذي قبله بين أن يكون بين الكاتب والمكتوب إليه مسافة بعيدة أو قريبة في بلد كانا أو في بلدين، لأنه نقل حكم إلى حاكم بما حكم به.
فأما إن قامت البينة عنده بالحق وثبت عنده ولم يحكم به، فقال له اكتب لي بما حصل عندك، كتب له شهدا عندي له بكذا وكذا ليكون المكتوب إليه هو الذي يقضي به الحق، ولا يكتب: ثبت عندي بشهادتهما، لأن قوله ثبت عندي حكم بشهادتهما فيكتب بالقدر الذي حصل عنده.
ولا يجوز أن يكتب في هذا الفصل حتى يكون بينه وبين المكتوب إليه مسافة يجوز قبول الشهادة فيها على الشهادة لأنها شهادة على شهادة، فاعتبرنا في ذلك ما نعتبره في الشهادة على الشهادة، ويفارق الفصلين قبله لأنه نقل حكم قد حكم به إلى حاكم فلا يعتبر فيه المسافة.
فإذا ثبت هذا نظرت فيما شهدا به، فإن كان الحق دينا كتب به إليه وإذا وصل الكتاب إليه عمل به وقضى عليه وألزمه الخروج من حقه وإن كان الحق عينا نظرت فإن كان عينا لا تختلط بغيرها كعبد مشهور للسلطان أو فرس مشهور أو ثوب