ما يتحمل به الشهادة أن يسمع عدلين فصاعدا يقولون ذلك، فإذا شهدا بذلك فهو شهادة ابتداء، ولا يشهد به من حيث الشهادة على الشهادة، لأنه لا يقول أشهدني فلان بن فلان بكذا وكذا فأما إن سمع الرجل يقول هذا ابني والابن ساكت أو قال رجل هذا أبي والأب ساكت صار متحملا لأن سكوته في العادة سكوت رضى بذلك معترف به.
وأما الموت فكذلك يتحملها بالاستفاضة لأن أسباب الموت كثيرة مختلفة، فإذا سمع الناس يقولون قد مات فلان صار شاهدا بموته.
فإذا ثبت هذا فأقل ما يستفيض به عنه أن يسمعه من عدلين، فإذا سمع ذلك من عدلين صار محتملا لها يشهد شهادة نفسه، لا أنه يشهد على شهادة غيره.
وأما الملك المطلق فكذلك إذا استفاض في الناس أن هذا ملك فلان من دار أو دابة أو عبد أو ثوب صار شاهدا بذلك، لأن أسباب الملك كثيرة مختلفة يملك بالشراء والهبة والغنيمة والإحياء والإرث فلهذا صار به شاهدا بالاستفاضة كالموت والنسب سواء، فإذا سمعه من عدلين فصاعدا أجزأه وصار شاهدا بنفسه لأنه يؤديها عن غيره.
فإذا ثبت هذا فإنما يشهد بالملك المطلق بالاستفاضة دون سببه، فلا يقول ملكه بالشراء أو بالهبة أو بالإحياء أو غنيمة، لأن هذه الأسباب لا يشهد بها بالاستفاضة، ولهذا لا يصح أن يعزى ذلك إليها إلا الميراث، فإنه يصح أن يعزيه إلى سببه بالاستفاضة لأن سببه الموت، والموت يثبت بالاستفاضة والإرث يقع به، فلهذا صح أن يعزيه إليه بالاستفاضة.
فأما إن كان في يده دار يتصرف فيها مطلقا من غير منازع بالهدم والبناء والإجارة والإعارة وغير ذلك، فيسوغ للشاهد أن يشهد له باليد بلا إشكال وأما بالملك المطلق فلا تخلو المدة من أحد أمرين إما أن يكون طويلة أو قصيرة، فإن كانت طويلة مرت عليه السنون على صورة واحدة من غير منازعة، قال بعضهم يشهد له بذلك لأن عرف العادة قد تقرر أن من تصرف مطلقا من منازع كان متصرفا في ملكه.