الزوايا فقتله، يعتقد أن الإمام يذهب إلى جواز قتله وإن كنت أنا لا أجيزه، فإذا أقدم على هذا فقتله بغير إكراه فالضمان على المأمور لأنه إنما يلزمه القبول من إمامه فيما عرف أنه حق أو خفي سببه عليه، فأما ما يعتقده حراما فلا يسوغ له قبوله منه، فإذا فعل فعليه الضمان.
وعندنا وإن لم تتقدر هذه المسألة فقد تتقدر في غيرها مثل أن يأمره الإمام بقتل من زنا بذي محرم له ولا يكون محصنا أو بقتل ذمي إذا فجر بمسلمة، وإن لم يكن محصنا، ويكون المأمور لا يعتقد ذلك، فالحكم فيه أنه مخطئ في الاعتقاد عندنا، لأنا لا نقول كل مجتهد مصيب، لكنه لا يلزمه الضمان لأن القتل وقع موقعه.
إذا أمره الإمام بجلد القاذف ثمانين فزاد الجلاد سوطا فمات المحدود، فعلى الجلاد الضمان، وكم يضمن؟ قال قوم نصف الدية وهو الذي يقوى في نفسي، وقال آخرون جزء واحد من واحد وثمانين جزءا من الدية، لأنها تقسط على عدد الضرب.
فإن أمر الإمام الجلاد أن يضرب ثمانين، فقال اضرب وأنا أعد فضربه والإمام يعد، فغلط الإمام فزاد واحدا على ثمانين، فالضمان على الإمام لأنه زاد واحدا، وأين يضمن؟ على ما مضى.
وإن قال اضرب ما شئت فليس له الزيادة على الحد، فإن زاد فالضمان عليه وحده دون الإمام.
فإن أمر الإمام رجلا بصعود نخل أو نزول بئر فوقع فمات فالضمان على الإمام لأنه ألجأه إليه لأنه قبل منه معتقدا أنه يطيع إمامه، ثم ينظر فيه، فإن أمره بذلك في خاص نفسه فالدية على العاقلة، وإن كان أمره للمسلمين فهو من خطأ الإمام والضمان على ما مضى من القولين، ويقوى في نفسي أن لا ضمان أصلا إذا لم يكرهه على الصعود والنزول، فإن أكرهه على ذلك فالحكم على ما مضى.
وأما إذا أمره بذلك بعض الرعية ففعل فوقع فهلك فلا ضمان على من أمره لأنه متبرع بذلك فإنه لا طاعة لأحد عليه، ويفارق الإمام لأنه يطيعه فيما يأمره به شرعا.