حصلت المقابلة حين التنازع، فلهذا تعارضتا.
ومن قال هما سواء قال ههنا على قولين أحدهما تعارضتا من غير أن يعيد زيد بينته وهو الأقوى عندنا، لأن معنى قولنا سواء: تساويا في الشهادة حين التنازع، ولم يعرض لما مضى فلا حاجة بها إلى الإعادة وقال قوم لا يعارضها حتى يعيد الشهادة، لأن المعارضة هي المقابلة حين التنازع ولا مقابلة حين التنازع فلهذا قيل لا بد من الإعادة.
إذا ادعى زيد عبدا في يد رجل فأنكر المدعى عليه، فأقام زيد البينة أن هذا العبد كان في يديه بالأمس، أو كان ملكا له بالأمس، فهل يقضى له بهذه البينة أم لا؟ قال قوم لا يقضى بها وقال قوم يقضى بها وهو الأقوى، كما قلناه في قديم الملك سواء، فإذا شهدت أنه كان ملكا له أمس فعلى هذين القولين، وهكذا لو شهدت بأن هذه الشاة ولدتها شاة فلان أو هذا الغزل مغزول من قطن فلان، وهذه التمرة أخرجتها نخل فلان، وهذه الحنطة أنبتتها أرض فلان، كان كله كقولها وهذه الدار كانت لفلان وقد مضى.
هذا إذا أقام البينة المدعي أنه كان في يده أمس، فأما إن أقر المدعى عليه أنه كان في يد المدعي أمس، فهل يلزمه هذا الاقرار، وينتزع العبد من يديه إلى يد المقر له أم لا؟ قال بعضهم: يبني على قيام البينة له باليد أمس، فإذا قلنا يقضي بالبينة ألزمناه الاقرار، وانتزعناه من يده إلى المقر له، ومن قال لا يقضى له بهذه البينة قال في الاقرار وجهان أحدهما لا يلزمه إقراره أيضا، لأن إقراره باليد أمس كقيام البينة باليد أمس، وقال آخرون يلزمه الاقرار، وينتزع العبد من يده.
فعلى هذا الفصل بين قيام البينة باليد أمس وبين الاقرار باليد واضح وذلك أن قيام البينة بأن له يد أمس دليل على اليد أمس، وكون العبد في يد المدعى عليه يدل الظاهر أنه لم يزل كان في يده فتعارضت اليدان أمس، وبقيت اليد المشاهدة الآن على العبد، فلهذا كان الحكم له، وليس كذلك الاقرار بأن يد المدعي كانت عليه أمس، لأنه إذا اعترف بهذا لا يثبت له يد بالأمس منفردة بالملك، وقطع المقر