فقسم بينهما، جاز أن يكون عدلا وفاسقا وعبدا وحرا لأنهما لو تراضيا بأنفسهما صح ذلك، فبأن يصح أن تراضيا بغيرهما أولى، وذلك أن الاعتماد عليهما لا عليه.
فأما إن تحاكما إلى رجل فقالا قد جعلناك حكما علينا فاقسم، فلا بد أن يكون عدلا على ما بيناه، فإذا قسم بينهما فبماذا يلزم قسمته؟ يبنى عليه:
إذا تراضيا بثقة من أهل العلم حكما بينهما فحكم بينهما فيما يلزم الحكم؟
قال قوم يلزم بنفس الحكم كالحاكم سواء، وقال آخرون بالحكم والرضا به بعده كذلك القاسم مثله.
وهل يجزي قاسم واحد بينهما أم لا؟ جملته أنه يجوز الاقتصار على قاض واحد ولا بد في التقويم من مقومين، وأما الخرص فقال قوم يجزي خارص واحد، وقال آخرون لا بد من خارصين وهو الأحوط.
وأما القاسم فينظر فيه، فإن كانت القسمة لا يفتقر إلى تقويم بل يجزي تعديل السهام، أجزء قاسم واحد، وإن كان فيها تقويم ورد فلا بد من قاسمين لأنه تقويم فافتقر إلى مقومين، هذا الكلام في صفة القسام والعدد.
وأما الأجرة فله أن يأخذ الأجرة على القسمة لما روينا عن علي عليه السلام أنه كان له قاسم يقال له عبد الله بن يحيى وكان رزقه من بيت المال، وكل عمل جاز أن يفعله الغير عن الغير تبرعا جاز بعقد إجارة كالخياطة والبناء وكل ما لا يجوز أن يفعله الغير عن الغير ولكنه إذا فعله عن نفسه عاد نفعه إلى الغير، جاز أخذ الرزق عليه ولا يجوز أخذ الأجرة كالآذان والإقامة والإمامة والقضاء والخلافة وكل ما لا يجوز أن يفعل الغير عن الغير وإذا فعله من نفسه لم يعد نفعه إلى الغير لم يجز أخذ الرزق عليه، ولا أخذ الأجرة كصلاة الفرض، وصلاة التطوع، وحجة الفرض.
فإذا ثبت هذا فإن على الإمام أن يرزقه من بيت المال لأنه من المصالح، فإن كان في بيت المال مال استأجره أو رزقه ليقسم على المسلمين، وإن لم يكن في بيت