بجواز بيع الميتة وإن كان الخطأ فيما لا يسوغ الاجتهاد فيه فإنه لا ينقض حكمه عندهم.
فأما إن تغير حكمه قبل أن يحكم باجتهاده الأول فإنه يحكم بالثاني و يدع الأول، لأن الأول عند خطأ فلا يحكم بما يعتقده خطأ، وهكذا قالوا فيمن أشكل عليه جهة القبلة واجتهد ثم تغير اجتهاده نظرت، فإن كان بعد الصلاة لم ينقض الأول، وإن كان قبل الصلاة عمل على الثاني، وهكذا لو سمع شهادة شاهدين ثم فسقا فإن كان بعد الحكم بشهادتهما لم ينقض حكمه، وإن كان قبل الحكم بشهادتهما لم يحكم بشهادتهما.
وقد قلنا ما عندنا في ذلك وهو أنه متى بان له الخطأ فيما حكم به أو فعله و علم أن الحق في غيره نقض الأول واستأنف الحكم بما علمه حقا، وكذلك في جميع المسائل التي تقدم ذكرها وأشباهها.
إذا ولي القضاء لم يلزمه أن يتبع حكم من كان قبله عندنا وإن تبعه جاز، فإن بان أنه حكم بالحق أقره عليه، وإن بان أنه حكم بالباطل نقضه، وإن تحاكم المحكوم عليه وادعى أنه حكم عليه بالجور لزمه النظر فيه على ما بيناه.
وقال المخالف ليس عليه أن يتبع حكم من كان قبله لأن الظاهر من حكمه وقضائه أنه وقع موقع الصحة فإن اختار أن يتبعه وينظر فيه لم يمنع منه، فإن كان صوابا لم يعرض له، وإن كان خطأ فيما لا يسوغ فيه الاجتهاد نظرت، فإن كان حقا لله كالعتق والطلاق نقضه وأبطله، لأن له في حق الله نظرا وإن كان ذلك في حق آدمي لم يكن النظر فيه من غير المطالبة.
فإن استعدى إليه على حاكم كان قبله لم يحضره حتى يبين ما يستعدي عليه لأجله احتياطا للمعزول وخوفا عليه من الامتهان والابتذال، وإن ذكر ما يستعدي عليه لأجله نظرت فإن قال لي عنده حق من دين ومعاملة وغصب أحضره وسأله، فإن اعترف ألزمه وإن أنكر قضى بينهما، كما يقضي بينه وبين غيره.