(فصل) * (فيما على القاضي في الخصوم والشهود) * على الحاكم أن يسوي بين الخصمين في الدخول عليه، والجلوس بين يديه، والنظر إليهما، والإنصات إليهما والاستماع منهما والعدل في الحكم بينهما.
روت أم سلمة أن النبي عليه وآله السلام قال: من ابتلى بالقضاء بين الناس فليعدل بينهم في لحظه وإشارته ومقعده فلا يرفعن صوته على أحدهما بما لا يرفع على الآخر، وكتب بعض الصحابة إلى قاضيه كتابا طويلا فقال فيه: واس بين الناس في وجهك ومجلسك، وعدلك، حتى لا ييأس ضعيف من عدلك ولا يطمع شريف في حيفك.
وإنما عليه أن يسوي بينهما في الأفعال الظاهرة فأما التسوية بينهما بقلبه من حيث لا يميل إلى أحدهما، ولا يرى الحظ له دون غيره، فغير مؤاخذ به ولا محاسب عليه لقوله تعالى " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ".
وأما موضع الجلوس فإنه يجلسهما بين يديه ولا يكون أحدهما أقرب إليه من الآخر، روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قضى أن يجلس الخصمان بين يدي القاضي.
هذا كله إذا استويا في الدين مسلمين أو مشركين فأما أن يكون أحدهما مسلما والآخر مشركا، قال بعضهم: يرفع المسلم على المشرك في المكان، لما روي أن عليا عليه السلام رأى درعا مع يهودي فعرفها وقال هذه درعي ضاعت مني يوم الجمل، فقال اليهودي درعي ومالي وفي يدي، فترافعا إلى شريح وكان قاضي علي عليه السلام فلما دخلا عليه قام شريح من موضعه وجلس على في موضعه وجلس شريح واليهودي بين يديه فقال علي عليه السلام لولا أنه ذمي لجلست معه بين يديك، غير أني سمعت النبي عليه السلام يقول: لا تساووهم في المجالس. وهذا هو الأولى.