يقول شاهدا فلم يقل لئلا يكون ذريعة لقتل الناس بعضهم بعضا.
وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن الشهادة فقال: ترى الشمس؟ على مثلها فاشهد أو دع.
إذا تقرر ذلك، فالكلام في ذكر أقسام الحقوق منها، وجملتها أن الحقوق ضربان حق لله، وحق لآدمي: فأما حق الآدمي فإنه ينقسم في باب الشهادة ثلاثة أقسام.
أحدها لا يثبت إلا بشاهدين ذكرين، وهو ما لم يكن مالا ولا المقصود منه المال ويطلع عليه الرجال، كالنكاح، والخلع، والطلاق، والرجعة، والتوكيل، والوصية إليه، والوديعة، والجناية الموجبة للقود، والعتق، والنسب، والكتابة، وقال بعضهم:
يثبت جميع ذلك بشاهد وامرأتين وهو الأقوى إلا القصاص.
والثاني ما يثبت بشاهدين وشاهد وامرأتين وشاهد ويمين وهو كل ما كان مالا أو المقصود منه المال، فالمال القرض، والغصب، والمقصود منه المال عقود المعاوضات: البيع والصرف، والسلم، والصلح، والإجارات، والقراض، والمساقاة، والرهن، والوقف، والوصية له، والجناية التي يوجب المال عمدا كانت أو خطأ كالجايفة وقتل الحر عبدا ونحو ذلك.
والثالث ما يثبت بشاهدين وشاهد وامرأتين وأربع نسوة وهو الولادة والرضاع والاستهلال والعيوب تحت الثياب وأصحابنا رووا أنه لا يقبل شهادة النساء في الرضاع أصلا وليس ههنا ما يقبل فيه شهادة النساء على الانفراد إلا هذه.
فأما حقوق الله فجميعها لا مدخل للنساء ولا للشاهد مع اليمين فيها، وهي على ثلاثة أضرب: ما لا يثبت إلا بأربعة وهو الزنا واللواط وإتيان البهائم وروى أصحابنا أن الزنا يثبت بثلاثة رجال وامرأتين وبرجلين وأربع نسوة.
والثاني ما لا يثبت إلا بشاهدين وهو الردة والسرقة وحد الخمر والقتل في المحاربة.
والثالث ما اختلف فيه وهو الاقرار بالزنا فإنه قال قوم لا يثبت إلا بأربعة كالزنا، وقال آخرون يثبت بشاهدين كسائر الإقرارات وهو الأقوى عندي وليس عندنا