عنها حلف المدعي واستحق، وإن حلف أسقط دعوى المدعي، واستقرت الدار في يديه.
فإن قال المدعي فاحلفوا لي المقر الذي ادعيت عليه أولا أنه لا يعلم أنها ملكي قال قوم يجب عليه اليمين، وقال آخرون لا يجب عليه، بناء على مسألة وهي إذا قال هذه الدار لزيد لا بل لعمرو سلمت إلى زيد، وهل يغرمها لعمرو؟ على قولين، كذلك ههنا لو اعترف بها للمدعي بعد أن أقر بها لغيره، هل عليه الغرم أم لا؟ على قولين.
فمن قال لو اعترف لزمه الضمان، قال عليه اليمين، لأنه لما لزمه الغرم مع الاقرار، لزمته اليمين مع الانكار، وقال قوم لا يحلف، لأنه لا فائدة فيها، لأن أكثر ما فيه أن يعترف خوفا من اليمين، ولو اعترف لا شئ عليه، فلما لم يلزمه الغرم مع الاقرار، لم يلزمه اليمين مع الانكار، وهذا الذي يقوى في نفسي.
هذا الكلام إذا قبل ما أقر له به، فأما إن رد الاقرار ولم يقبله، فالمدعى عليه قد أقر بها لغيره، فنفى أن يملكها والمقر له بها قد ردها، والمدعي لا بينة معه، فما الذي يصنع فيها؟ قال قوم يكون بمنزلة اللقطة يحفظها السلطان لصاحبها حتى إذا أقام البينة بأنها له سلمها إليه، لأن المقر لا يدعيها، والمقر له لا يقبلها والمدعي لا بينة له فليس غير أن تحفظ لمالكها، وقال قوم تدفع إلى المدعي لأن المقر لا يدعيها، والمقر له بها قد ردها، فلم يبق من يدعيها غير المدعي، فوجب أن تدفع إليه، وهذا ضعيف، لأنه يفضي إلى تسليمها إليه بمجرد دعواه، وهذا لا سبيل إليه.
وقال قوم يقال له نفيت أن يكون لك، وقد ردها المقر له، فإما أن تقر بها لمعروف يكون الخصومة معه، أو تدعيها لنفسك فتكون الخصومة معك، وإلا جعلناك ناكلا، وحلف المدعي واستحق، والأول أصح الأقوال عندنا.
فأما إن أقر بها لغايب معروف لم يخل المدعي من أحد أمرين إما أن يكون له بينة أو لا بينة له، فإن لم يكن له بينة، لم يقض على الحاضر، لأنه يقول ليست لي، وإنما هي للغايب ولا على الغائب، لأنه لا حجة مع المدعي، فليس غير أن يقف