هذا إذا كان المكتوب إليه في موضع ولايته، وأما إن لم يكن في موضع ولايته، مثل أن كان قاضي الكوفة بالبصرة فوصل إليه كتاب بالبصرة، لم يعمل به لأنه في غير موضع الولاية كالعامي بدليل أنه لا يصح أن يكتب كتابا من ذلك المكان بحكم ولا بشهادته ولو ترافع إليه خصمان من أهل ولايته لم يكن له النظر بينهما ولو ترافعا إلى حاكم في موضع ولايته حكم بينهما وإن كانا من أهل ولاية غيره، فالاعتبار بمكان الولاية لا بأهل الولاية.
وجملته أن الحاكم إذا كان في موضع ولايته فكل من ترافع إليه حكم بينهما من أي موضع كانوا، وإذا لم يكن في موضع ولايته حيث حصل كان حينئذ على ما جعل إليه وكذلك لو أراد أن يولي حاكما من قبله لم ينعقد له القضاء إلا أن يوليه في موضع ولايته وجملته أنه في غير موضع ولايته كالعامي لا يتصرف تصرف القضاة بوجه.
فإن اجتمع قاضيان في غير بلد ولايتهما مثل أن اجتمع قاضي بغداد وقاضي الكوفة بالبصرة، فهما كالعاميين، فإذا أخبر أحدهما صاحبه بحكم حكم به أو بشهادة ثبت عنده، كان وجود هذا وعدمه سواء لا يعمل أحدهما على قول غيره، بل يكونان كشاهدين أخبر أحدهما صاحبه بما عنده.
فإن اجتمعا في ولاية أحدهما مثل أن اجتمع قاضي الكوفة وقاضي البصرة بالبصرة وأخبر كل واحد منهما صاحبه بخبر فما أخبر به قاضي الكوفة لا يعمل به قاضي البصرة لأن الإخبار منه في غير موضع ولايته، وإن كان المخبر قاضي البصرة صار قاضي الكوفة عالما بذلك لأنه قد أخبره به قاض في موضع ولايته، وكأنه قد علم بالشئ بعد التولية في غير موضع ولايته، فإذا عاد قاضي الكوفة إلى الكوفة صار عالما بذلك، فهل له أن يقضي بعلمه؟ فيه قولان.
إذا كتب الحاكم كتابا إلى حاكم فنسي اسم نفسه أو نسي العنوان لم يضر ذلك إذا كان الشهود يضبطون ما شهدوا به لأن المعول على ما يشهدون به دون الكتاب، فلو ضاع الكتاب فأقاموا الشهادة حكم بها من غير كتاب.