من جاء أولا ويضبط: قد جاء فلان أولا ثم فلان ثم فلان، وعلى هذا أبدا، فإذا حضر الحاكم قدم الأول فالأول لأنه لا يمكنه أن يحكم بين الكل دفعة واحدة ولا بد أن يقدم واحدا واحدا، ولا يمكن أن يقدم واحدا لموضعه في نفسه، ولا لأجل حكومته، فلم يبق إلا أنه يعتبر السابق فيكون الحق له، كما قلنا في مقاعد الطرقات والأسواق والماء والمصانع والمعادن ونحوها، فإنه يقدم السابق منهم إليها فالسابق.
قال صلى الله عليه وآله مني مباح من سبق، فجعل السابق أحق.
هذا إذا جاءوا واحدا بعد واحد، فأما إن جاءوا معا نظرت فإن كان العدد قليلا يمكن الإقراع بينهم أقرع بينهم، فمن خرجت قرعته قدمناه، وإن كثروا أو تعذرت القرعة، كتب الحاكم أسماءهم في رقاع وجعلها بين يديه ومد يده فأخذ رقعة بعد رقعة كما يتفق لأن القرعة قد تعذرت.
فإذا قدم رجلا بالسبق أو القرعة أو بالرقعة حكم بينه وبين خصمه، فإذا فرغ صرفه فقال قم حتى يتقدم من بعدك، فإن قال الأول فلي حكومة أخرى لم يلتفت إليه وقال قد حكمت بينك وبين خصمك بحكومة فإما أن تنصرف أو تصبر حتى أفرغ من الناس لأنه لو قضى بينه وبين كل من يخاصمه أفضى إلى أن يستغرق المجلس لنفسه، فلهذا لا يزاد على واحدة.
فإذا تقدم غيره فادعى فإن شاء ادعى على المدعى عليه أولا، وإن شاء على المدعي الأول وإن شاء ادعى المدعى عليه أولا على المدعي الأول فإنه يحكم بينهما، لأنا إنما نعتبر الأول فالأول في المدعي وأما في المدعى عليه فلا.
فإذا فرغ وبقي هناك واحد نظر بينه وبين خصمه، فإن كان له حكومات كثيرة نظر فيها كلها لأنه لا مزاحم له فيها، اللهم إلا أن يكون الأول قد جلس صابرا حتى يفرغ من الناس، فحينئذ إذا حكم بين الأخير وبين خصمه حكومة واحدة، قدم الأول لأنه لهذا جلس.
فإن حضر نفسان فادعى أحدهما على صاحبه، فقال المدعى عليه أنا المدعي وهو المدعى عليه، لم يلتفت الحاكم إليه، وقال له أجب عن دعواه، فإذا فرغ من