له لأن الحدود كفارات لأهلها، ويقوى في نفسي أن يتوب سرا ولا يعترف أصلا لعموم الخبر.
فأما إن جحد وأنكر فأقام المدعي بينة لم يقبل منه إلا شاهدين ذكرين لأنه كالقصاص وكيفية إقامتها هو أن يقول الشاهدان بمحضر من السارق والمسروق منه: هذا سرق من هذا نصابا ولا بد من صفة الحرز، وذكر جنس النصاب وقدره، لأن النصاب مختلف فيه، فلم يكن بد من ذكر النصاب بعينه كيلا يقطع بما يعتقد مذهبا له ثم يبين غيره، وكذلك الحرز لأنه مختلف فيه فإذا قامت البينة هكذا قطع.
وإن كان المسروق منه غايبا وله وكيل حاضر يطالب له بماله لم يقبل الشهادة حتى يقول هذا سرق من حرز فلان بن فلان، ويرفع في نسبه إلى حيث لا يشاركه غيره فيه، وإن هذا وكيل الغائب، فإذا قامت هكذا وطالب الوكيل بالسرقة قطع واغرم.
فأما إن قامت البينة ابتداء عليه وليس للغايب وكيل بذلك، وقامت على ما فصلناه بالسرقة أو بأنه زنا بأخته، قال قوم لا يقطع ولا يحد معا، وقال آخرون يحد ويقطع، وقال قوم: يحد الزاني ولا يقطع السارق، والأقوى عندي أنه لا يحد في الزنا ولا يقطع في السرقة إن كان المسروق منه غايبا أو صاحب الأمة لأن السلعة تستباح بالإباحة فيمكن أن يكون أباحها، وكذلك الجارية عندنا يجوز أن يكون أحلها له.
هذا إذا كان ثبوته بالبينة فأما إن كان ثبوته بالاعتراف، فأقر بسرقة نصاب من الغائب من الحرز، أو زنا بجاريته، ففيه الثلاث أقاويل بأعيانها، والأقوى عندي.
ههنا أن يقام عليه الحد فيهما للآية والخبر.
فمن قال يقطع فلا كلام، ومن قال لا يقطع: منهم من قال يحبس حتى يحضر الغائب بكل حال، سواء كانت العين التي سرقها موجودة أو مفقودة، فإن كانت مفقودة ففي ذمته حق قد ثبت لغايب، فيحبس حتى يحضر، وإن كانت العين قايمة أخذت منه وحبس في القطع.