ومذهبنا الذي يدل عليه أخبارنا ما ذكرناه في النهاية، وهو أنه إذا شهدا بالملك المطلق ويد أحدهما عليها، حكم لمن هو في يده لليد، وكذلك إن شهدا بالملك المقيد لكل واحد منهما، ويد أحدهما عليها، حكم لمن هو في يده، وقد روي أنه يحكم لليد الخارجة وإن كانت أيديهما عليها فهو بينهما نصفان وإن كانت أيديهما خارجتين أقرع بينهما فمن خرج اسمه حكم له به مع يمينه، إن كانت الشهادة بالملك مطلقا وإن كان مقيدا قسم بينهما نصفين، وإن كان لأحدهما بالملك المطلق وللآخر بالملك المقيد حكم للذي شهدا له بالمقيد.
فإذا ثبت أن بينة الداخل يسمع في الجملة، فالكلام فيه كيف يسمع؟ أما بينة الخارج فإذا شهدت بالملك المطلق سمعت، وإن شهدت بالملك المضاف إلى سببه فأولى أن يقبل، وأما بينة الداخل، فإن كانت بالملك المضاف إلى سببه، قبلناها، وإن كانت بالملك المطلق، قال قوم لا يسمعها، وقال آخرون مسموعة. والأول مذهبنا، لأنه يجوز أن يكون شهدت بالملك لأجل اليد، واليد قد زالت ببينة المدعي.
فإذا تقرر هذا، فكل موضع سمعنا بينة الداخل، قضينا للداخل بلا خلاف قال قوم يستحلف مع ذلك، وقال آخرون: لا يستحلف، وهو الأقوى وأصل ذلك تعارض البينتين، فإن منهم من قال يسقطان، ومنهم من قال يستعملان.
فمن قال يسقطان لم يحكم له إلا باليمين، لأنهما إذا تعارضتا سقطتا فيكونان كأنه لا بينة لواحد منهما ولأحدهما اليد، فكان القول قوله مع يمينه، ومن قال يستعملان فلا شئ عليه، لأنا نقضي له بالبينة، وذلك لأنهما تعارضتا وانفرد أحدهما باليد، فقدمناها على بينة الخارج باليد، فقضينا له بها، فلهذا قلنا لا شئ عليه.
فأما إذا تنازعا عينا لا يد لواحد منهما عليها، وأقام أحدهما شاهدين والآخر أربعة شهود، روى أصحابنا أنه يرجح بكثرة الشهود والتفاضل في العدالة فيقدم، وقال قوم لا ترجيح بالعدد ولا بالتفاضل في العدالة، وأما إن كان لأحدهما شاهدان وللآخر شاهد وامرأتان، فلا ترجيح عندنا وعند الأكثر، وقال من وافقنا في الأولى