فأما في الحكم فإن أقام البينة على ذلك فلا شئ عليه وإن لم يكن له بينة فالقول قول ولي المقتول إنهم لا يعلمون ذلك منه، ولهم القود لما روي أن سعدا قال: يا رسول الله أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟
قال: نعم.
ولو اطلع عليه رجل من ثقب فطعنه بعود أو رماه بحصاة وما أشبههما فذهبت عينه لم يضمن.
وقال قوم ليس له أن يفعل هذا، فإن فعل ضمن والأول مذهبنا، ولا فرق بين أن يكون الموضع الذي يطلع عنه واسعا أو ضيقا، أو كيف ما كان، ولا فرق بين أن يطلع عليه من ملكه أو من غير ملكه أو من طريق أو من غيره بعد أن يطلع على حريمه فالحكم فيه سواء.
فإن اطلع عليه فحذفه بحصاة أو بعود فذهبت عينه فلا شئ عليه، فإن مات من ذلك لم يكن عليه كفارة ولا إثم لأنه مات من جرح مباح.
فإن ارتدع عن الاطلاع لم يكن له أن يناله بشئ ومتى ناله به كان عليه القود أو العقل إذا كان مما لا قود فيه، فإن طعنه في أول اطلاعه فجرحه جرحا أو رماه بحجر يقتل مثله كان عليه القود، لأنه إنما أذن له أن يناله بالشئ الخفيف الذي يردع البصر ولا يقتل النفس.
فإن رماه بالشئ الخفيف فلم يرتدع استغاث عليه إن كان في موضع يلحقه الغوث فإن لم يكن استحب أن ينشده فإن لم يمتنع فله أن يضربه بالسلاح أو يناله بما يردعه فإن أتى على نفسه وجرحه فلا عقل ولا قود.
وإن أخطأ في الاطلاع لم يكن له أن يناله بشئ لأنه لم يقصد الاطلاع، فإن ناله قبل أن يرتدع بشئ فقال ما عمدت ولا رأيت شيئا لم يكن على الرامي شئ، لأن الاطلاع ظاهر ولا يعلم ما في قبله ولو كان أعمى فناله بشئ ضمنه لأن الأعمى لا يبصر بالاطلاع.
فأما إذا اطلع عليه ذو رحم محرم لنسائه لم يكن له رميه لأن له النظر إليهن