لا يحلف فتوجهت عليه اليمين حلف، وإن كان في استحلافه حنث.
وهذا إنما يقوله من يقول إن التغليظ بالمكان شرط وأما على ما قلناه من أنه مستحب فلا يلزم ذلك، لأنه لا فائدة في إلزامه ما يحنث.
المشرك إذا توجهت عليه اليمين نظرت، فإن كان يهوديا غلظ عليه باللفظ، فيقول " والله الذي أنزل التورية على موسى " لما روي أن النبي عليه السلام حلف يهوديا فقال قل والله الذي أنزل التورية على موسى بن عمران.
وأما المكان فإنه يستحلف في المكان الشريف عنده وهو الكنيسة لأنه يعظمها كما يعظم المسلم المسجد.
وإن كان نصرانيا حلف " والله الذي أنزل الإنجيل على عيسى " لأنك لو اقتصرت على والله، ربما اعتقده عيسى، فإذا قلت الذي أنزل الإنجيل على عيسى لم يمكنه ذلك الاعتقاد، وأما المكان ففي البيعة لأنه مكان شريف عنده.
وإن كان مجوسيا حلف والله الذي خلقني ورزقني لئلا يتناول بالله وحده النور فإنه يعتقد النور إلها، فإذا قال خلقني ورزقني زال الإبهام والاحتمال، وأما المكان فقال قوم لا يغلظ عليه، لأنه لا يعظم بيت النار وإنما يعظم النار دون بيتها، ونقول فإن كانوا يعظمون بيت النار فهو كالكنيسة يغلظ عليهم بها.
وإن كان وثنيا معطلا أو كان ملحدا يجحد الوحدانية لم يغلظ عليه باللفظ واقتصر على قوله والله، فإن قيل كيف حلفته بالله وليست عنده يمينا، قلنا ليزداد إثما ويستوجب العقوبة.