وإن كانت الدعوى مبهمة فقال ماله قبلي حق أو قد برئت ذمتي من حقه، احتاج إلى هذه الألفاظ كلها حتى يأتي بجميع جهات البراءة، ومن الناس من قال أي شئ أدعى فإن المدعى عليه يحلف ما برئت ذمتك من ديني، فإذا قال هذا أجزاه لأنها لفظة تأتي على كل الجهات، فإن الذمة إذا كانت مشغولة بالدين أجزأه أن يقول ما برئت ذمتك من حقي وهذا القدر عندنا جايز كاف، والأول عندنا أحوط وآكد، وأما قوله إن حقي لثابت فلا خلاف أنه ليس بشرط.
إذا ادعى عليه حقا في ذمته أو عينا في يده، فقال أقرضتك أو قال غصبتني، لم يخل الجواب من أحد أمرين إما أن يكون مبهما أو يعين ما ادعاه، فإن كان مبهما مثل أن قال لا تستحق علي شيئا كان الجواب صحيحا ولم يكلف الجواب فيقال له أجب عن الدعوى، لأن قوله لا تستحق علي شيئا يأتي على المراد، ويكون اليمين على ما أجاب يحلف لا تستحق علي شيئا لأنه إذا كانت الدعوى غصبا ربما كانت على ما ادعاه ولكن الغاصب ملك ذلك بشراء أو هبة أو غير ذلك، فإن كلف أن يحلف ما غصبتني فقد ظلمناه، لأنه لا يقدر عليه لأنه قد كان منه الغصب، ومتى اعترف أنه غصب لم يقبل قوله إنه ملك ما غصبه منه، فإن كلفه أن يحلف ما غصبت ظلمه وإن قال غصبته وقد ملكته ظلمته، لأنه لا يقبل منه، فإذا نفى الاستحقاق، ثبت جميع ما طلبه.
وإن كان الجواب بعد الدعوى ما غصبته شيئا فكيف يحلف؟ قال قوم يحلف إنك لا تستحق علي شيئا كما لو كان الجواب مبهما لما مضى، وقال قوم يحلف ما غصبت لأنه لو لم يعلم أنه يقدر أن يحلف كذلك من أجاب كذلك، فلهذا استحلفناه على ما أجاب.
إذا ادعى رجل حقا على ابن رجل ميت لم يقبل دعواه إلا أن يدعي الحق ويدعي موت الأب وأنه خلف في يديه تركة لأنه إن لم يمت الأب فلا حق له على ابنه، وإن مات ولم يخلف تركة فلا حق له عليه أيضا، فلا بد من دعوى الثلاثة أشياء.
فإذا ادعى الموت فالقول قول الابن لأن الأصل أن لا موت، وإذا ادعى التركة