حيث قلنا إنه إذا ترك اليمين استثبت أن المدعى عليه إذا استثبت وانظر وقف الحكم بذلك، والمدعي إذا استثبت وانظر لم يقف الحكم لأنه ليس هناك حق لغيره من حلف وغيره حتى يقف باستثباته، هذا في دعوى المال والطلاق والنكاح وغير ذلك.
المدعى عليه إذا حلف ثم أقام المدعي بعد ذلك بينة بالحق فعندنا لا يحكم له بها ولا تسمع، وبه قال ابن أبي ليلى وأهل الظاهر، وقال الباقون تسمع ويحكم بها، فإذا ثبت هذا، فإن كان قال حين استحلف المدعى عليه حلفوه فإن بينتي غايبة لا يمكن إقامتها ثم حضرت البينة وأقامها حكم له بها بلا خلاف، وإن كان قال: ما لي بينة حاضرة ولا أقيمها فحلفوه، فلما حلف أقام البينة حكم له بها أيضا ويكون غرضه ربما ينزجر عن الحلف فيقر بالحق ويستغني عن تكلف إقامة البينة أو يريد أن يحلفه ثم يقيم البينة ليبين كذبه.
وإن كان قال ليس لي بينة وكل بينة تشهد لي كاذبة، فحلف المدعى عليه ثم أقام البينة فإنه يحكم له بها عند من قال بذلك، وقال بعضهم لا يحكم له لأنه قد جرح بينته.
ومنهم من قال إن كان هو الذي أقام البينة بنفسه والإشهاد عليه لا تسمع بينته لأنه كان يعلم أن له بينة وقد جرحها، وإن كان غيره تولى ذلك سمعت منه، والصحيح عندهم أنه تسمع البينة على كل حال لأنه قد يكون له بينة فنسيها.
وقد قلنا إن عندنا أنه لا يحكم له ببينته بحال إذا حلفه إلا أن يكون أقام البينة على حقه غيره، ولم يعلم هو أو يكون نسيها فإنه يقوى في نفسي أنه تقبل بينته، فأما مع علمه ببينته فلا تقبل بحال.
وأما إذا أقام شاهدا واحدا وقد حلف المدعى عليه وحلف معه، فإنه يحكم له أيضا عندهم، لأن الشاهد واليمين في المال يجري مجرى شاهدين، وعندنا أنه لا يقبل بينته ولا يحلف مع شاهده، لأنه أضعف من شاهدين.
فأما إذا نكل المدعى عليه عن اليمين وثبت للمدعي حق الاستحلاف، فلم