باب فقر "، وقال الصادق (ع): " طلب الحوائج إلى الناس استلاب (58) للعز مذهبة للحياء، واليأس مما في أيدي الناس عز للمؤمن في دينه، والطمع هو الفقر الحاضر ". وقال الصادق (ع): " لو يعلم السائل ما عليه من الوزر ما سأل أحد أحدا، ولو يعلم المسؤول ما عليه إذا منع ما منع أحدا أحدا ". وقال: " من سأل من غير حاجة فكأنما يأكل الجمر ".
ثم المنع والتحريم إنما هو في السؤال بدون الاضطرار، وأما مع الحاجة والاضطرار فلا ريب في جوازه، وقد وردت به الرخصة، قال الله سبحانه:
" وأما السائل فلا تنهر " (59).
وقال رسول الله: " لا تردوا السائل ولو بشق تمرة " وقال (ص):
" لولا أن السائل يكذب ما قدس من ورده " وقال (ص): " للسائل حق وإن جاء على الفرس " وقال (ص): " لا تردوا السائل ولو بظلف محترق " (60). ولو كان السؤال مطلقا حراما لما أجاز الله ورسوله إعانة العاصي على معصيته.
ثم الحاجة المجوزة للسؤال: ما بلغت حد الاضطرار، كسؤال الجائع الخائف على نفسه بالموت أو المرض لو لم يصل إليه قوت، وسؤال العاري الذي بدنه مكشوف ويخاف من الحر والبرد - أو لم تبلغ إليه، وهي إما حاجة (مهمة) كالاحتياج إلى الجبة في الشتاء بحيث لولاها لتأذى بالبرد تأذيا لا ينتهي إلى حد الضرورة، والاحتياج إلى الكرى مع القدرة على المشي مع المشقة، أو حاجة (خفيفة) كالاحتياج إلى الإدام مع وجود الخبز - فالظاهر جواز السؤال في جميع ذلك (مع رجحانه في الأول، وإباحته في الثاني، ومرجوحيته في الثالث)، بشرط إخلائه عن المحذورات المذكورة،