أفكار أهل الدنيا لا نهاية لها، والذي ليس معه إلا قوت يومه أو سنته، ولا يطلب أزيد من ذلك، فهو في سلامة من جميع ذلك.
وأما فوائده: فهي أيضا دنيوية ودينية:
أما الدنيوية: فهي ما يتعلق بالحظوظ العاجلة: من الخلاص من ذل السؤال، وحقارة الفقر، والوصول إلى العز والمجد بين الخلق، وكثرة الأخوان والأصدقاء والأعوان، وحصول الوقار والكرامة في القلوب.
وأما الدينية: فثلاثة أنواع:
أولها - أن ينفقه على نفسه في عبادة، كالحج والجهاد، أو فيما يقوى على العبادة، كالمطعم والملبس والمسكن.
وثانيا - أن يصرفه إلى أشخاص معينة: كالصدقة، والمروة، ووقاية العرض، وأجرة الاستخدام. وأما الصدقة بأنواعها، فلا يحصى ثوابها وربما نشير إلى فضيلتها في موضعها. وأما المروة، ونعني بها صرف المال إلى الأغنياء والأشراف في ضيافة أو هدية أو إعانة وما يجري مجراها مما يكتسب به الأخوان والأصدقاء ويجلب به صفة الجود والسخاء، إذ لا يتصف بالجود إلا من يصطنع المعروف ويسلك سبيل الفتوة والمروة، فلا ريب في كونه مما يعظم ثوابه. فقد وردت أخبار كثيرة في الهدايا والضيافات وإطعام الطعام، من غير اشتراط الفقر والفاقة في مصارفها. وأما وقاية العرض، ونعني بها بذل المال لدفع ثلب السفهاء، وهجو الشعراء، وقطع السنة الفاحشين والمغتابين، ومنع شر الظالمين وأمثال ذلك، فهو أيضا من الفوائد الدينية. قال رسول الله (ص): " ما وقى المرء به عرضه فهو له صدقة ".
وأما أجرة الاستخدام، فلا ريب في إعانته على أمور الدين، إذ الأعمال التي يحتاج إليها الإنسان لتهيئة أسبابه كثيرة، ولو تولاها بنفسه ضاعت أوقاته وتعذر عليه سلوك سبيل الآخرة بالفكر والذكر الذي هو أعلى مقامات السالكين، ومن لا مال له يحتاج أن يتولى بنفسه جميع الأعمال التي يحتاج إليها في الدنيا، حتى نسخ الكتاب الذي يفتقر إليه، وكلما يتصور أن يقوم به الغير فتضييع الوقت فيه خسران وندامة.
وثالثها - أن يصرفه إلى غير معين يحصل به خير عام، وهي الخيرات