أمك. قال: ثم من؟ قال: أباك ". وأتاه رجل آخر وقال: " إني رجل شاب نشيط، وأحب الجهاد، ولي والدة تكره ذلك. فقال له (ص):
أرجع فكن مع والدتك، فوالذي بعثني بالحق! لأنسها بك ليلة خير من جهاد في سبيل الله سنة ". وقال أبو عبد الله (ع): " إن رسول الله (ص) أتته أخت له من الرضاعة، فلما نظر إليها سربها، وبسط ملحفته لها، فأجلسها عليها، ثم أقبل يحدثها ويضحك في وجهها، ثم قامت فذهبت وجاء أخوها، فلم يصنع به ما صنع بها، فقيل له: يا رسول الله، صنعت بأخته ما لم تصنع به وهو رجل، فقال: لأنها كانت أبر بوالديها منه ".
وقيل للصادق (ع): " أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله ". وقال له (ع) رجل: " إن أبي قد كبر جدا وضعف، فنحن نحمله إذا أراد الحاجة. فقال: إن استطعت أن تلي ذلك منه فافعل، ولقمه بيدك، فإنه جنة لك غدا ". وقال له (ع) رجل: " إن لي أبوين مخالفين. فقال: برهما كما تبر المسلمين ممن يتولانا ". وقال رجل للرضا (ع): " أدعو لوالدي إذا كانا لا يعرفان الحق؟ قال: ادع لهما وتصدق عنهما، وإن كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما، فإن رسول الله (ص) قال: إن الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق ".
وقد وردت أخبار أخر في الأمر بالبر والاحسان إلى الوالدين، وإن كان على خلاف الحق. وقال (ع): " ما يمنع الرجل منكم أن يبر والديه حيين وميتين، ويصلي عنهما، ويتصدق عنها، ويحج عنهما، ويصوم عنهما، فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك، فيزيده الله عز وجل ببره وصلاته خيرا كثيرا " (37).
والأخبار في ثواب بر الوالدين غير محصورة. فينبغي لكل مؤمن أن يكون شديد الاهتمام في تكريمهما وتعظيمهما واحترامهما، ولا يقصر في خدمتهما، ويحسن صحبتهما، وألا يتركهما حتى يسألاه شيئا مما يحتاجان