طبت وطابت لك الجنة! فأنتم زوار الله، وأنتم وفد الرحمن، حتى يأتي منزله "، فقال له بشير: جعلت فداك! فإن كان المكان بعيدا؟ قال:
" نعم يا بشير! وإن كان المكان مسيرة سنة، فإن الله جواد، والملائكة كثير، يشيعونه حتى يرجع إلى منزله ". وقال (ع): " من زار أخاه في الله تعالى ولله، جاء يوم القيامة يخطر بين قباطي من نور (18)، لا يمر بشئ إلا أضاء له، حتى يقف بين يدي الله عز وجل، فيقول الله له:
مرحبا! وإذا قال مرحبا، أجزل الله عز وجل له العطية ". وقال (ع):
" لزيارة مؤمن في الله خير من عتق عشر رقاب مؤمنات، ومن أعتق رقبة مؤمنة وقى بكل عضو عضوا من النار، حتى أن الفرج يقي الفرج ".
وقال (ع) لأبي خديجة: " كم بينك وبين البصرة؟ " قال: في الماء خمس إذا طابت الريح، وعلى الظهر ثمان ونحو ذلك، فقال: " ما أقرب هذا، تزاوروا وتعاهدوا بعضكم بعضا، فإنه لا بد يوم القيامة يأتي كل إنسان بشاهد شهد له على دينه ". وقال: " إن المسلم إذا رأى أخاه، كان حياة لدينه إذا ذكر الله ". وقال رسول الله (ص): " مثل الأخوين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى، ما لقي المؤمنان قط إلا أفاد الله أحدهما من صاحبه خيرا ".
والأخبار الواردة بهذه المضامين كثيرة. والسر في هذا الترغيب الشديد على تزاور المؤمنين وملاقاتهم، كونه دافعا للحسد والعداوة، جالبا للتأليف والمحبة. وهو أعظم ما يصلح به أمر دنياهم وعقباهم. ولذا ورد الثناء والمدح في الآيات والأخبار على نفس الألفة وانقطاع الوحشة، لا سيما إذا كانت الرابطة هي التقوى والدين. وورد الدم في التفرقة والتوحش، قال الله سبحانه في مقام الامتنان على المؤمنين بنعمة الألفة:
" لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم " (19). وقال: " فأصبحتم بنعمته إخوانا ": أي بنعمة الألفة. وقال