النبيين، ونصب من بعدهم الخلفاء والأوصياء، وجعل نوابهم أولي النفوس القدسية من العلماء. بل هو القطب الذي تدور عليه أرحية الملل والأديان، وتطرق الاختلال فيه يؤدي إلى سقوطها عن الدوران. ولهذا ورد في مدحه والترغيب عليه مما لا يمكن إحصاؤه من الآيات والأخبار، قال الله سبحانه:
" ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ". وقال: " كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " (1). وقال: " فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون " (2). وقال: " لا خير في كثير من نجواهم، إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ". وقال: " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط " (3).
والقيام بالقسط هو: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقال رسول الله (ص): " ما أعمال البر عند الجهاد في سبيل الله إلا كنفثة في بحر لجي، وما جميع أعمال البر والجهاد في سبيل الله عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا كنفثة في بحر لجي ". وقال (ص):
" إياكم والجلوس على الطرقات! "، قالوا: ما لنا بد منها، إنما هي مجالسنا تتحدث فيها. قال: " فإذا أبيتم إلا ذلك، فأعطوا الطريق حقه "، قالوا: وماحق الطريق؟ قال: " غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ". وقال (ص): " ما بعث الله نبيا إلا وله حواري، فيمكث النبي بين أظهرهم ما شاء الله، يعمل فيهم بكتاب الله وبأمره وسنة نبيهم، فإذا انقرضوا، كان من بعدهم قوم يركبون رؤس المنابر، يقولون ما يعرفون يعلمون ما ينكرون. فإذا رأيتم ذلك، فحق على كل مؤمن جهادهم بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع