الرابع - أن يكون المأمور أو المنهي مصرا على الاستمرار. فلو ظهر منها أمارة الاقلاع سقط، للزوم العبث.
ثم هذه الشروط يختلف اشتراطها بسبب اختلاف درجات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما يأتي. ويدل على اشتراط الثلاثة الأول ما روي:
" إنه سئل مولانا الصادق عليه السلام: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أواجب على الأمة جميعا؟ فقال: لا. فقيل له: ولم؟ قال: إنما هو على القوي المطاع، العالم بالمعروف من المنكر، لا على الضعيف الذي لا يهتدي سبيلا إلى أي من أي يقول من الحق إلى الباطل. والدليل على ذلك كتاب الله عز وجل، قوله:
" ولكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " (8).
فهذا خاص غير عام، كما قال الله عز وجل.
" ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " (9).
ولم يقل على أمة موسى، ولا على كل قوم، وهم يومئذ أمم مختلفة.
والأمة واحد فصاعدا، كما قال الله عز وجل: (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله) يقول مطيعا لله عز وجل. وليس على من يعلم ذلك في هذه الهدنة من حرج، إذا كان لا قوة له ولا عذر ولا طاقة ". قال مسعدة: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام - وسئل عن الحديث الذي جاء عن النبي (ص):
" إن أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر " ما معناه - قال: هذا على أن يأمره بعد معرفته، وهو مع ذلك يقبل منه، وإلا فلا ". وفي خبر آخر:
" إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ أو جاهل فيتعلم.
فأما صاحب سوط أو سيف فلا ". وفي خبر آخر: " من تعرض لسلطان جائر وإصابته بلية، لم يؤجر عليها ولم يرزق الصبر عليها " (10). ومن