فيما سبق من عدم الاعتداد بالأصول المثبتة * (ومنها) * ما يظهر من المصنف [ره] في المعتبر وتبعه جماعة ممن تأخر عنه بل عن شارح الجعفرية نسبته إلى المشهور بين المتأخرين من التفصيل بين صورة الجهل بالحالة السابقة على الحالتين فكالمشهور وبين صورة العلم بها فيؤخذ بضدها لان تلك الحالة ارتفعت يقينا وارتفاع ذلك الرافع مشكوك فليستصحب الحالة الطارية التي لم يعلم زوالها قال في محكى المعتبر بعد حكاية وجوب التطهير عن الثلاثة واتباعهم وتوجيه مقالتهم بان يقين الطهارة معارض بيقين الحدث ولا رجحان فتجب الطهارة لعدم التيقن بوجودها الآن لكن يمكن ان يقال بنظر إلى حاله قبل تصادم الاحتمالين فإن كان حدثا بنى على الطهارة لأنه يتقن انتقاله عن تلك الحال إلى الطهارة ولم يعلم تجدد الانتقاض فصار متيقنا للطهارة وشاكا في الحدث فيبنى على الطهارة وان كان قبل تصادم الاحتمالين متطهرا بنى على الحدث لعين ما ذكرنا من التنزيل * (انتهى) * وعن الذكرى ان هذا التفصيل ان تم فليس خلافا فيما نحن فيه لرجوعه إلى مسألة يقين الحدث والشك في الطهارة وعكسها انتهى الظاهر أن غرضه ان البحث في هذه المسألة انما هو في حكم من تيقنهما وشك في المتأخر وما ذكر من التفصيل ليس خلافا في حكم هذا الموضوع من حيث هو لابتنائه على دعوى أن الملحوظ انما هو اليقين بالطهارة لو كان في السابق محدثا ووجود الحدث عقيب الطهارة المتيقنة غير معلوم ومن المعلوم ان تمامية هذا الكلام موقوف على عدم ملحوظية اليقين الاخر في عرض هذا وحينئذ يخرج للفروض عن موضوع المبحوث عنه ويدخل في موضوع المسألة السابقة فالنزاع يؤمل إلى النزاع في تشخيص الصغرى فتأمل وعن كاشف اللثام الجزم بالتفصيل المذكورة وتنزيل اطلاقات الأصحاب الحكم بوجوب التطهير على من لم يعلم بحالته قبل الزمانين وفيه من البعد مالا يخفى لندرة صورة الجهل بالحالة السابقة رأسا فكيف ينزل اطلاقات الأصحاب عليها وكيف كان يتوجه على ما ذكروه من استصحاب الحالة الطارية انها معارضة بالمثل مثلا إذا يتقنهما وعلم أنه كان في الزمان السابق على الزمانين محدثا كما يصح ان يقال زوال هذا الحدث بالطهارة المتيقنة معلوم وانتقاض الطهارة بالحدث المتيقن غير معلوم لاحتمال عروضه عقيب الحدث السابق قبل الطهارة المتيقنة كذلك يصح ان يقال إن كونه محدثا حال خروج الحدث المتيقن معلوم وزوال هذا الحدث المتيقن غير معلوم لجواز وقوع الطهارة قبله وما يقال من أن مجرد العلم بحدوث الحدث لا يكفي في جواز استصحاب اثره ومعارضته لاستصحاب الطهارة المتيقنة لأنه انما يصح استصحاب اثره أعني المنع من الدخول في الغايات المشروطة بالطهارة إذا علم بكونه مؤثرا في ذلك وكونه كذلك فيما نحن فيه غير معلوم لاحتمال وقوعه عقيب الحدث السابق فاستصحاب الطهارة سليم عن المزاحم إذ لم يعلم للحدث المعلوم بالاجمال اثر حتى يستصحب مدفوع بان المستصحب ليس خصوص الأثر الحاصل من الحدث المتيقن حتى يقال إن كونه مؤثرا غير معلوم بل المستصحب هو الأثر الموجود حال حدوث الحدث المتيقن وإن لم يعلم بكونه مسببا عنه إذا لعلم بسببه غير معتبر في قوام الاستصحاب نظير ما لو انتبه من نومه وشك في أنه تطهر عقيبه أم لا فإنه يستصحب حدثه الذي يعلم يتحققه بعد النوم ولو لم يعلم باستناده إلى النوم أو إلى سبب آخر وما يقال إن الحالة المانعة المعلوم تحققها عند الحدث المتيقن مرددة بين حالة معلومة الارتفاع وأخرى مشكوكة الحدوث فالشك في بقائها مسبب عن الشك في حدوث الحالة الأخرى والأصل عدم حدوثها * (وبعبارة) * أخرى الحالة المانعة المعلومة عند الحدث يحتمل أن تكون عين الحدث الذي كان متحققا قبل الوضوء الذي علمنا بارتفاعه ويحتمل أن تكون حالة أخرى حادثة بعد الوضوء والأصل عدمه ولا تعارضه أصالة عدم وجودها قبل الوضوء لان تحققها قبل الوضوء متيقن وحدوثها بعده مشكوك والأصل ينفيه نظير ما لو رأى في ثوبه جنابة واحتمل كونها اثر الاحتلام الذي اغتسل منه أو جنابة جديدة حاصلة بعد الاغتسال فلو جاز ان يقال فيما نحن فيه أن وجوب الغسل ووجود الحالة المانعة عند عروض السبب الثاني معلوم وسقوط هذا الواجب بالغسل المعلوم تحققه غير معلوم فليستصحب لجاز ان نقول في المثال المذكور بان وجوب الغسل ووجود الحالة المانعة عند خروج هذا المنى معلوم وسقوط هذا الواجب بالغسل المعلوم تحققه غير معلوم فليستصحب إذ لافرق بينهما الا في القطع بتعدد السبب فيما نحن فيه واحتمال الاتحاد في المثال فلو فرض في المثال قطعه بحدوث جنابة أخرى غير الأولى وشك في كونها عقيب الغسل أو قبله يصير مثالا لما نحن فيه وهذا الفرق بعد القطع بان تعدد السبب على تقدير تعاقبهما لا يؤثر في تعدد التكليف وتكرر الحالة المانعة لا يصلح فارقا بين المقامين لان المستصحب انما هو اثر الأسباب الذي لا يتكرر بتكررها لا نفس الأسباب كما هو ظاهر * (مدفوع) * بان رفع اليد عن اليقين بالحالة المانعة المعلوم تحققها عند خروج البول مثلا بمجرد احتمال اتحاد الحدث السابق المعلوم ارتفاعه معها في الوجود الخارجي نقض لليقين بالاحتمال فلابد في رفع اليد من تلك الحالة المعلومة في ذلك الحين من القطع بوقوع طهارة بعدها وأصالة عدم تجدد الحدث لا تجدي في احراز ذلك الا على القول بالأصل المثبت الذي لا نقول به هذا مع أن الشك في بقاء الحدث المعلوم تحققه عند خروج البول ليس مسببا عن تردده بين الفرد الزائل والفرد الباقي لان ذلك الحدث امر معين مشخص علم من حالة شرعا انه لا يرتفع الا بالوضوء سواء اتحد مع الفرد الأول أم لا فالشك في بقائه مسبب عن الشك في أن الطهارة المعلومة بالاجمال هل
(٢٠٤)