وفوائد وحواش كثيرة وديوان شعر صغير رأيته بخطه ولم يؤلف كتابا مدونا لشدة احتياطه ولخوف الشهرة وكان يقول قد أكثر المتأخرون التأليف وفي مؤلفاتهم سقطات كثيرة عفا الله عنا وعنهم وقد أدى ذلك إلى قتل جماعة منهم وكان يتعجب من جده الشهيد الثاني ومن الشهيد الأول ومن العلامة في كثرة قراءتهم على علماء العامة وفي كثرة تتبع كتبهم في الفقه والحديث والأصولين وقراءتهما عندهم وكان ينكر عليهم ويقول قد ترتب على ذلك ما ترتب عفا الله عنهم وكان حسن التقرير والتحرير جدا عظيم الاستحضار حاضر الجواب دقيق الفكر اخبرني قدس سره ان بعض امراء الملاحدة قال له سالت علماء هذه البلاد عن مسألتين فلم يقدروا على الجواب إحداهما قول القرآن في نوح ع ولبث في قومه ألف سنة الا خمسين عاما فإنه لا يقبله العقل لأننا رأينا كثيرا من القلاع والعمارات المحكمة المتينة بالصخر المنحوت قد خربت وتكسرت أحجارها في أقل من ثلاثمائة سنة فكيف يبقى البدن المؤلف من لحم ودم ألف سنة فقلت له ليس هذا عجيبا ولا بعيدا لان الحجر ليس فيه نمو فإذا تحلل منه جزء لم يخلفه جزء آخر في عشر سنين بخلاف بدن الإنسان كما يشهد فيمن قطع منه لحم أو شعر أو ظفر والثانية عندنا تفسير صنفه بعض المتأخرين وذكر انه ألفه لرجل من الأكابر وأثنى عليه ثناء يليق بالملوك ولم يصرح باسمه بل قال إنه مذكور في سورة الرحمن فقلت له اسمه مرجان لأني سمعت ان في بغداد مدرسة تسمى المرجانية وانما لم يذكر اسمه لأنه من أسماء العبيد فاستحسن الجوابين اه واعتذاره عن عدم التدوين بالاحتياط وخوف الشهرة لا يخفى ما فيه وقوله قد أكثر المتأخرون التأليف وفي مؤلفاتهم سقطات كثيرة كأنه يريد ان يعزو كثرة السقط إلى كثرة التأليف المانعة عن المراجعة والتهذيب وقوله قد أدى ذلك إلى قتل جماعة منهم لم يظهر مراده من المشار إليه بذلك والذي أدى إلى قتل جماعة هو فساد الزمان وأهله وشدة التعصب على علماء أهل البيت لا تقصير منهم أو تفريط في شئ واما تعجبه من الشهيدين والعلامة في كثرة قراءتهم على العامة وتتبع كتبهم وزعمه ترتب المفسدة على ذلك ففي غير محله لان ذلك كان علو همة منهم وكان فيه لهم فوائد لا تخفى ولم يترتب عليه اي مفسدة ولعله كان مائلا إلى طريقة الأخبارية الذين يزعمون أن الاجتهاد مأخوذ من العامة وذكره اخوه الشيخ علي بن محمد العاملي في كتاب الدر المنثور فقال كان فاضلا ذكيا ورعا لوذعيا كاملا رضيا عابدا تقيا اشتغل في أول امره في بلادنا على تلامذة أبيه وجده ثم سافر إلى العراق في أوقات إقامة والده بها ثم سافر إلى بلاد العجم فأنزله الشيخ بهاء الدين في منزله وأكرمه اكراما تاما وبقي عنده مدة طويلة مشتغلا عنده قراءة وسماعا لمصنفاته وغيرها وكان يقرأ عند غيره من الفضلاء في تلك البلاد في العلوم الرياضية وغيرها ثم سافر إلى مكة في السنة التي انتقل فيها الشيخ بهاء الدين فأقام بها ثم رجع إلى بلادنا ثم عاد إلى مكة إلى أن توفي بها في التاريخ المتقدم وكنت إذ ذاك في مكة المشرفة اجتمعت معه في يوم عرفة وبقيت في خدمته إلى ذلك اليوم من تلك السنة ودفن مع والده في المعلى قدس الله روحه ونور ضريحه وآخر الصحبة الفراق وآخر العمر الموت نسأل الله حسن الخاتمة بمنه وكرمه اه.
وذكره المحبي في خلاصة الأثر فقال: أحد فضلاء الزمان وذكره صاحب السلافة فقال: زين الأئمة فاضل الأمة وملث غمام الفضل وكاشف الغمة شرح الله صدره للعلوم شرحا وبنى له من رفيع الذكر في الدارين صرحا إلى زهد أسس بنيانه على التقوى وصلاح أهل به ربعه فما أقوى وآداب تحمر خدود الورد من أنفاسها خجلا وشيم أوضح بها غوامض مكارم الأخلاق وجلا رايته بمكة والفلاح يشرق من محياه وطيب الأعراق يفوح من نشر رياه وما طالت مجاورته بها حتى وافاه الاجل وانتقل من جوار حرم الله إلى جوار الله عز وجل اه وفي الرياض هو الأخ الأكبر للشيخ علي ابن الشيخ محمد المعاصر الذي كان يسكن أصبهان وكان هو علامة عصره في أنحاء العلوم وفهامة دهره في اقسام الفنون اه.
شعره في السلافة له شعر خلب به العقول وسحر وحسدت رقته أنفاس نسيم السحر وفي أمل الآمل شعره كله جيد ما رأيت له بيتا واحد رديا كما قالوه في شعر الرضي اه أقول شعره مقبول ولا يقايسه بشعر الرضي من له معرفة بالشعر فمن شعره قوله:
ان خنت عهدي ان قلبي لم يخن * عهد الحبيب وان أطال جفاءه لكنه يبدي السلو تجلدا * حذرا من الواشي ويخفي داءه وقوله:
وحق هواك ما حال المعنى * بحبك عن هواك ولا يحول ولو قطعت بالهجران قلبي * وأحشائي وأفنائي النحول وقوله:
ولما رأينا منزل الحي قد عفا * وشطت أهاليه وأقوت معالمه لبسنا جلابيب الكآبة والأسى * وأضحى لسان الدمع عنا يكالمه وقوله:
أودعكم ولي جسد نحيل * وصبر راحل وجوى مقيم وقلب كلما ذكرت ليال * نهبناها بقربكم يهيم وقوله:
لا تحسبونا وان شط المزار بنا * وعاند الدهر في تفريقنا وقضى نحول عن منهج الود القديم لكم * أو نبتغي بالتنائي عنكم عوضا وقوله:
سقيا لليلة وصلنا من ليلة * ما راعنا فيها حضور رقيب وأبيح لي فيها المنى حتى بدا * في لمة الظلما بياض مشيب كادت لفرط تقاصر في طيها * يأتي الصباح بها قبيل غروب أملت لو مدت بكل شبيبة * وسواد أحداق لنا وقلوب وقوله من قصيدة طويلة:
هل من معين في الهوى أو مسعد * فلقد فني صبري وباد تجلدي وتطاولت مدد الفراق فهل يرى * للوصل عند أحبتي من موعد فاستخبرا رشاي لأي جناية * قطعت بجفونه حبال توددي وحرمت رشف برود رائق ريقه * ظلما فوا ظمئي لذاك المورد واستعطفاه على حليف صبابة * ظام إلى سلسال مرشفه صدي وقوله من قصيدة يرثي بها ابن أخيه:
هو الدهر لا يلفى لديه سرور * فتأميل صفو العيش فيه غرور سلوني عن الأيام اني بشأنها * لما بلغت مني الخطوب خبير