أيضا، ولا يصدق هذا الاطلاق إلا باختيار مظان الماء ولو زاد على النصاب دون ما احتمل، وبه يفترق عن التعميم السابق. لأنا نقول - بعد تسليم تحقق مصداق للمطلق غير التعميم السابق، وتسليم توقفه على اختبار المظان كلها -: لا نسلم أن شرط التيمم هو مصداق هذا المطلق بعد قيام الأدلة على الغلوة والغلوتين، فهو من قبيل المقيد بها والكاشف للمراد بها. نعم قد يتم ذلك بالنسبة للمحال التي ليست من جهة الضرب في الأرض، كحدوث مجئ قافلة أو شخص أو نحو ذلك، فنوجب اختيار أمثالها كما صرح به في المنتهى والذكرى مع احتمال وجود الماء فيها فضلا عن الظن.
والحاصل أن وجوب تطلب الماء في الضرب في الأرض أقصاه النصاب المذكور، وأما في غيره كالقافلة فصدق إطلاق عدم الوجدان. نعم قد يقال: إن التحديد بالنصاب المذكور مبنى على التسامح العرفي لا التحقيقي، بحيث لو ظن وجود الماء مثلا بما يقرب من منتهاه جدا لم يجب الاختبار والطلب، ولعله لذا حكي عن العلامة في نهاية الإحكام التصريح بوجوبه حينئذ، بل عن المنتهى ذلك أيضا لو توهم، ولعله يريد الظن الضعيف، فتأمل.
ثم إنه صرح جماعة من الأصحاب منهم المصنف في المعتبر والعلامة في المنتهى والشهيد في الذكرى بأنه لو طلب الماء قبل الوقت فلم يجده لم يعتد به ووجوب إعادته، إلا أن يعلم استمرار العدم الأول، ولعله لظاهر ما ذل على وجوبه من الاجماعات السابقة وغيرها، وهو لا يتحقق إلا بعد الوقت، لعدم وجوبه قبله ولتوقف صدق عدم الوجدان عليه، سيما بعد ظهور الآية الدالة على اشتراطه في إرادة عدم الوجدان عند إرادة التيمم للصلاة، وعند القيام إليها، وفي زمان صحة التيمم، ولخبر زرارة (1) المتقدم آنفا، ولأنه لو اكتفي به قبل الوقت لصح الاكتفاء به مرة واحدة للأيام