المفهوم فيه، نعم قد يستدل عليه بالتعليل المصرح به في أحدهما والمفهوم في الآخر، وهو الاعواز، وعدم جريانه في السابق على الخميس للدليل لا يمنع من التمسك به في اللاحق، سيما مع ظهور الفرق بينهما، فلعل الأقوى حينئذ الالحاق وفاقا لجماعة.
كما أن الأقوى أيضا أنه إذا تمكن من الماء قبل الزوال أعاد الغسل وفاقا للمنتهى والقواعد والذكرى والمدارك وكشف اللثام وعن الفقيه والتذكرة والتحرير ونهاية الإحكام والمعالم والموجز والذخيرة والبحار وشرح الدروس، لسقوط حكم البدل بالتمكن من المبدل منه، وإطلاق الأدلة الدالة على استحباب غسل الجمعة.
وقد يناقش في الأول بأن البدل وقع صحيحا لوجود شرطه خوف الاعواز، فلا يبطل بالتمكن من الأصل، إذ الأمر ولو ندبا يقتضي الاجزاء بالنسبة إليه، والتكليف بالغسل ثانيا مع صحة البدل جمع بين البدل والمبدل، ومناف لاقتضائه الاجزاء، وفي الثاني بأن أوامر غسل الجمعة لا تقتضي إلا غسلا واحدا وقد حصل بالمتقدم، فإنه غسل جمعة قدم يوم الخميس، بل ربما ظهر من بعضهم أنه وقت للاضطراري منه، فيكون إداء، وربما يشهد له حصر القسمة عندهم في القضاء والأداء، على أنه لو أعيد مثل هذا الغسل لأعيدت نظائره من صلاة الليل المقدمة، والوقوف بالمشعر مع القدرة، ولم ينقل عنهم القول به، بل قيل وقد روي تقديم الأغسال الليلية في شهر رمضان على الغروب، ولا مجال للقول بالإعادة في مثله.
وقد يدفع الأول بأن الذي يقتضيه التدبر في الخبرين الدالين على جواز التقديم في مثل المقام وما اشتملا عليه من التعليل وما دل على غسل الجمعة وغير ذلك هو اشتراط صحة الغسل المقدم بمطابقة خوف الاعواز أو القطع به للواقع، وإلا فلا، لظهور أن ذلك من الأعذار والطرق لحصول الواقع، لا أنها مناط تكليف، ولذلك لم يعلق في الخبرين الحكم على الخوف ونحوه، ولا ينافي هذا ما تقدم لنا من الاكتفاء بالخوف.