هو ما يصير كرشا للجدي بعد أن يأكل، فهو قبل أكله إنفحة، وبعده كرش، ويومي إليه ما حكي عن الفيومي في المصباح عن التهذيب، قال: لا يكون الإنفحة إلا لكل ذي كرش، وهو شئ يستخرج من بطنه أصفر يعصر في صوفة مبتلة فيغلظ كالجبن، ولا يسمى إنفحة إلا وهو رضيع، فإذا رعى قيل استكرش، أي صارت إنفحته كرشا، بل ذيله كاد يكون صريحا فيما قلنا، وكذا ما عن مجمع البحرين الإنفحة هي كرش الحمل والجدي ما لم يأكل، فإذا أكل فهو كرش حكاه الجوهري عن أبي زيد، فإنه ظاهر في اتحاد موضوع الإنفحة والكرش إلا أنه قبل الأكل يسمى إنفحة وبعده كرش، وأوضح منه ما عن المغرب، فإنه بعد أن فسره بالتفسير الأول قال: ولا يكون إلا لكل ذي كرش، ويقال: إنها كرشة ما دام رضيعا، يسمى ذلك الشئ إنفحة، فإذا فصل ورعى الغيث قيل: استكرش.
قلت: لا استبعاد فيه، إذ لعل ذلك اللبن بعد أن يأكل الجدي يكرش معدته، وقبله لا تكريش فيها، أو أنه يستحيل كرشة بقدرة الله تعالى، فتأمل جيدا خصوصا فيما مضى من العبارات، فلعله به يظهر لك ما قلناه.
نعم ظاهر الجميع اختصاص الإنفحة بما قبل الأكل، لكن قال في الذكرى:
" والإنفحة طاهرة من الميتة والمذبوحة وإن أكلت السخلة " وهو مشكل إلا أن يريد الأكل الذي لا يعتد به.
وكيف كان فالظاهر وجوب غسلها من ملاقاة رطوبات الميتة وفاقا للمحكي عن الشهيد الثاني في بعض فوائده، وربما يعطيه ما سمعته من المنتهى وغيره في البيض، وخلافا للمدارك، وظاهر بعض من تأخر عنه، لتنجسها بها كما هي القاعدة في كل ما لاقى نجسا برطوبة، واحتمال استثناء الإنفحة لاطلاق ما دل على طهارتها سيما مع عدم ذكر الأكثر وجوب الغسل وقد نصوا عليه في مثل الصوف المقلوع يدفعه ظهور سياق تلك