وفيه ما عرفت وإن كان لا بأس بحمله الخبر المذكور، ولعله أولى مما في الحدائق من الجمع بينها وبين خبر السكوني بحملها على رجاء الحصول أي ظنه، وخبر السكوني على تجويز الحصول من دون ظن، إذ هو مع أنه لا شاهد عليه مبني على وجوب الطلب زائدا على النصاب مع ظن الماء، وفيه منع، بل إطلاق الأدلة السابقة يقتضي سقوطه وإن ظن، لعدم الدليل على التعبد به، مع أنه هو بنفسه استظهر بعد ذلك عدم اعتبار الظن لاطلاق خبر السكوني، نعم إنما يجب الطلب زائدا مع العلم لعدم تناول الرواية له، فما في جامع المقاصد والروض وغيرهما من إلحاق الظن به في ذلك حتى أنه قطع به في الأول لا يخلو من نظر بل منع، كالتعليل له بعدم حصول شرط التيمم معه، وهو العلم بعدم التمكن من الماء، وإلا لوجوب مع الاحتمال أيضا، وهو باطل قطعا مناف لفائدة التحديد بالقدر المذكور.
نعم قد يتردد في الظن الذي تطمئن به النفس بل هو علم عرفي من حيث عدم احتمال شمول الخبر لمثله، ولعله مرادهم كما عساه يشعر به ما ذكروه من التمثيل له بالقرية والحضرة ونحوهما، فيجب السعي حينئذ وإن زاد على المقدار.
لا يقال: إنه لا إشكال في عدم تحقق الشرط، وهو إن لم تجدوا في الفرض السابق، لتوقف صدقه على التطلب والاختيار فلم يوجد، لأنا نقول: إنه بعد أن قامت الأدلة من الخبر والاجماع على وجوب الطلب غلوة أو غلوتين كان المراد من الآية فإن لم تجدوا فيهما، ولا ريب في صدق عدم الوجدان فيهما وإن ظن في غيرهما بل وإن علم، لكنه خرج بما خرج من إجماع أو غيره، وإلا لو أريد صدق عدم الوجدان بالنظر إلى جميع الأمكنة لوجوب الطلب حينئذ مع الاحتمال، وهو باطل قطعا لما عرفت.
وكذا ما يقال: إن المراد صدق إطلاق عدم الوجدان من غير تقدير للغلوة والغلوتين ولا غيرهما، إذ ليست بدون ذكر التعلق من المجملات: ولا ترجع إلى التعميم السابق