النجاسة، فما عساه يظهر من المدارك والمحكي من المعالم من التأمل في هذا الحكم لضعف المستند مع إطلاق ما دل على طهارة البيض في غير محله، سيما إن أرادا الحكم بالطهارة بدون الجلد الرقيق، على أنه قد يدعى انصراف تلك الاطلاقات إلى المتعارف من البيض، وهو ذو القشر الأعلى، بل قد يشك في شمول اسم البيض له حقيقة، نعم لولا الاجماع السابق لأمكن المناقشة في الحكم بالنجاسة حال اكتساء الرقيق، إذ ليست هي إلا عارضية لا ذاتية، لعدم شمول أدلة الميتة لمثل ذلك، والعارضية تندفع بصلاحية مانعية الرقيق عن تعدي رطوبات الميتة كما لو كانت في الخارج، لكن لا يخفى عليك أن الله تعالى شأنه أعلم من غيره بالصلاحية وعدمها، فعدم اعتبار ذلك شرعا دليل على عدم صلاحيته، فتأمل.
وأما الثاني وهو الإنفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء وتخفيف الحاء وتشديدها فلا أعرف خلافا في طهارتها، كما اعترف به بعضهم، بل في المنتهى أنه قول علمائنا، وفي المدارك أنه مقطوع به في كلام الأصحاب، وفي كشف اللثام كما عن الغنية دعوى الاجماع صريحا، وهو الحجة بعد الأصل والعمومات والتعليل السابق والأخبار المتقدمة.
مضافا إلى خبر الثمالي (1) عن الباقر (عليه السلام) في حديث طويل، قال فيه:
" قال قتادة: فأخبرني عن الجبن، فتبسم الباقر (عليه السلام) ثم قال: رجعت مسائلك إلى هذا قال: ضلت عني، فقال: لا بأس به، فقال: إنه ربما جعلت فيه إنفحة الميتة، قال: ليس بها بأس، إن الإنفحة ليس فيها عروق ولا فيها دم ولا بها عظم، إنما تخرج من بين فرث ودم، ثم قال: إن الإنفحة بمنزلة دجاجة ميتة خرجت منها بيضة " الحديث.
وخبر الحسين بن زرارة (2) عن الصادق (عليه السلام) ففيه أنه " سأله أبي عن الإنفحة في بطن العناق والجدي وهو ميت، فقال: لا بأس به " كخبره الآخر