وحسن محمد بن مسلم أو صحيحه (1) سأل الصادق (عليه السلام) عن رجل أجنب في سفره ولم يجد إلا الثلج أو ماء جامدا، فقال: هو بمنزلة الضرورة، يتيمم ولا أرى أن يعود إلى هذه الأرض التي توبق دينه ".
وفيه - مع عدم صلاحية شئ من ذلك عدا الخبر لاثباته، بل والخبر لعدم صراحته بل ولا ظهوره في التيمم به، لاحتمال إرادة الانتقال إلى التيمم بالتراب كما يومي إليه قوله (عليه السلام) " بمنزلة الضرورة " واستبعاد فقدان كل ما يتيمم به حتى الغبار والطين، سيما مع ترك استفصاله عن ذلك، وإن كان ربما شهد للأول النهي عن العود، وعد ذلك هلاك الدين، إذ لا هلاك في التيمم بالتراب بعد كونه أحد الطهورين، وأنه مما أمتن الله به على هذه الأمة - أنه مناف لما سمعته سابقا من الاجماع على عدم جواز التيمم بغير الأرض، ولقد أجاد ابن إدريس في رد المرتضى بأن الاجماع منعقد على أن التيمم لا يكون إلا بالأرض وما يطلق عليه اسمها، وما في المنتهى من أن المسلم منه في حال التمكن لا مطلقا في غير محله.
كل ذا مع ظهور الخطابات الشرعية كتابا وسنة في انحصار الطهارة بالمائية والتراب، ووفائهما ببيان كيفية كل منهما بحيث لا يشارك إحداهما الأخرى، ومن هنا احتمل بعضهم في الخبر السابق أن يراد بالتيمم فيه مسح أعضاء الطهارة بنداوة الثلج على كيفية المائية مجازا، كما أنه احتمل آخر ذلك في كلام المرتضى ومن تبعه، وهو مع بعده لعدم القرينة مبني على وجوب ذلك عند الاضطرار وإن لم يحصل به مسمى الغسل، وفيه منع وإن أوجبه الشيخان وابنا حمزة وسعيد، واختاره في المنتهى والتذكرة والمختلف والحدائق وعن نهاية الإحكام، كما أنه استحسنه في كشف اللثام، ولعله لما دل (2)