وفي مساواته لغيره بعد التغسيل، سيما مع عدم اشتمال شئ منها على الأمر به على كثرتها، وظهور تحقق المس غالبا بمباشرة الدفن ونحوه فيها، بل ربما يحصل القطع بالحكم للفقيه المتأمل في سبب سقوط الغسل عن الشهيد من الاكرام والاحترام وللتخفيف عن أولئك المجاهدين عن بيضة الاسلام، ولذا لم يصل إلينا أمر به أو بالتيمم بدله من النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) في يوم من الأيام في الوقائع المتعددة والغزوات المعظمة.
مضافا إلى ما يظهر من اشتراط نجاسة الممسوس في وجوب غسل المس من مكاتبتي الصيقل (1) وابن عبيد (2) المتقدمتين آنفا المشتملتين على السؤال عن اغتسال أمير المؤمنين (عليه السلام) لما غسل النبي (صلى الله عليه وآله).
ومنها مع الأصل يستفاد أيضا سقوطه بمس النبي (صلى الله عليه وآله) ونحوه ممن علم طهارته بعد الموت، كما عن بعضهم التصريح به، إلا أنه قد يناقش فيه بتناول العمومات، وبقوله (عليه السلام) في المكاتبتين السابقتين: " ولكن فعل أمير المؤمنين (عليه السلام) وجرت به السنة " ولا ينافيه قوله (عليه السلام) قبل ذلك. " إنه طاهر مطهر " إذ أقصاه اختلاف حكمة الغسل بمس النبي (صلى الله عليه وآله) ونحوه عن حكمة غيره كأصل تغسيله، فلا استبعاد حينئذ في القول بالوجوب بمس النبي (صلى الله عليه وآله) ولا هوان، لعدم انحصار الحكمة في النجاسة إذ قد يقصد إرادة عمومية الحكم، ونحو ذلك.
نعم قد يتجه الحكم بسقوط الغسل بمس من أمر بتقديم غسله بعد قتله بذلك السبب وتقديمه الغسل وفاقا للفاضل في القواعد وغيره، بناء على ما تقدم منا سابقا في محله من استظهار كون هذا الغسل غسل الميت وقد قدم مما دل على مشروعيته، وأنه لا استبعاد في تقديم المسبب الشرعي على سببه، فيجري حينئذ عليه حكم غسل الميت من عدم وجوب غسل المس بعده وغيره، بل ربما ادعي تناول نفس ما دل على سقوط