أمر بخصوص الغسل، وتقييد الرطوبة في كلامه بالنجسة بالذات ينافي عطفه القذر عليها، إذ هي حينئذ نوع منه أو عينه، وحمل القذر على النجس العيني والرطوبة على العارض بغير الموت وإن أمكن في كلامه لكنه تصرف بغير إذن المالك بالنسبة للخبر، بل تشه محض، وكذا إن أراد عدم التعدي خاصة وإن كان نجسا في نفسه إلا أنه من النجاسات الحكمية، لما عرفت من الاجماع بقسميه، والأخبار على خلافه، خصوصا ما استفاض منها بالقاء ما مات فيه الفأرة ونحوها من المائعات كالماء والدهن والمرق وغيرها.
نعم ظاهر السرائر عدم تعدي نجاسة ما يلاقي الميت ولو رطبا إلى غيره كذلك، كما أنه احتمله العلامة في خصوص اليابس الملاقي للميت مع حكمه بنجاسة الملاقي اليابس، وما أبعد ما بينه وبين الكاشاني، وسيأتي البحث فيه إن شاء الله.
وكيف كان فينبغي استثناء المعصوم (عليه السلام) والشهيد ومن شرع له تقدم الغسل على موته كالمرجوم، فاغتسل من ميت الآدمي، وفاقا لكشف اللثام وعن الميسي، للأصل المقرر بوجوه، ولما ورد في النبي (صلى الله عليه وآله) (1) أنه طاهر مطهر، كالزهراء البتول (عليها السلام) (2) ويتم في غيرهما من المعصومين بعدم القول بالفصل وبالقطع بالاشتراك في علة ذلك، ولظهور ما دل (3) على سقوط الغسل للشهيد بعدم نجاسته بهذا الموت إكراما وتعظيما له من الله تعالى شأنه، بل لم يجعله عز وجل موتا، فقال عز من قائل (4): " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " كظهور ما دل (5) على مشروعية تقدم الغسل في جريان أحكام الغسل المتأخر عليه