من قوله بعدم وجوب غسل المس، وهو كما ترى لا يقتضيه.
وعلى كل حال فلا ينبغي البحث في ذلك بعد ما عرفت، إنما البحث في أن نجاسة الميتة من الانسان وغيره كغيرها من النجاسات لا تتعدى إلى الملاقي إلا مع الرطوبة، أو أنها تتعدى ولو مع اليبوسة، فيجب حينئذ غسل الملاقي وإن كان يابسا، الأقوى الأول وفاقا لصريح الذكرى وجامع المقاصد وكشف اللثام وموضع من الموجز وغيرها، كما عن صريح المبسوط وظاهر الفقيه والمقنع، بل في شرح المفاتيح نسبته إلى الشهرة بين الأصحاب.
قلت: وهو كذلك، بل لعله الظاهر من عامتهم عدا من صرح بخلافه، لعدهم إياها في سلك ما حكمه ذلك من غيرها من النجاسات من غير تنصيص على الفرق، بل هو مشعر بوضوح الحكم وظهوره لديهم كما لا يخفى على من لاحظ ذلك المقام، خصوصا معاقد الاجماعات السابقة، سيما ما في المعتبر منها من أن علماءنا متفقون على نجاسته نجاسة عينية كغيره من ذوات الأنفس السائلة، للأصل في الملاقي بل والملاقى بالفتح في نحو ميتة نجس العين بل وطاهره على بعض الوجوه.
وعموم قوله (عليه السلام) في موثقة ابن بكير (1): " كل يابس ذكي " المعتضد بالمستفاد من استقراء كثير مما ورد (2) في غيرها من النجاسات كالعذرة والخنزير والكلب والدم والبول والمني اليابس وغيرها، بل في بعضها ما هو كالصريح في أن مناط عدم التعدي فيها اليبوسة لا خصوص يبوستها، بل يمكن استفادة ذلك منها على وجه القاعدة كغيرها من القواعد المستفادة من مثل ذلك كما لا يخفى على من لاحظها على كثرتها.
ولخصوص صحيح علي بن جعفر (3) (عليهما السلام): سأل أخاه (عليه السلام)