نحن فيه من إيجاب التيمم، وعدم الاجتزاء بغسل البعض والتلفيق من الماء والتراب، بل هو واجب آخر خارج عن ذلك من حيث احتماله لوجود ما يكمله، مع أنه أيضا ممنوع، لعدم رجوعه إلى أصل يعول عليه، ولو علله بامكان رفع بعض الجنابة دون بعض لمكان توزيعها على البدن، كما يشعر به قوله (صلى الله عليه وآله) (1): " تحت كل شعرة جنابة " وغيره مع وجوب تخفيف الحدث كالخبث لكان أوجه وإن كان كل من مقدمتيه ممنوعا أيضا كما هو واضح.
فظهر لك من ذلك كله أنه لا ينبغي الاشكال في الرجوع إلى التيمم وعدم الالتفات إلى ذلك الماء من غير فرق بين الأصغر وغيره، ولا بين سائر أنواع الحدث الأكبر إلا في إيجاب الوضوء به لو كان يكفيه في حدث غير الجنابة كالحيض والمس، لما قدمناه في باب الحيض أنه يوجب الطهارتين، فتعذر إحداهما لا يسقط الأخرى بخلاف الجنابة، ومن هنا نص في خبر محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) (2) على الأمر بالتيمم والنهي عن الوضوء في المجنب في السفر، ومعه ماء قدر ما يتوضأ، كظاهر غيره أيضا.
ولو كان الماء يكفي للغسل أو الوضوء في غير الجنابة احتمل تقديم الغسل والتيمم بدل الضوء، لكونه أهم في نظر الشارع، والتخيير، والأول أحوط.
ثم إنه لا فرق فيما ذكرنا من عدم مشروعية التبعيض المذكور بين أن يكون منشأه قلة الماء أو غيره كمرض بعض أعضاء الطهارة مع صحة الباقي مرضا لا يدخله تحت الجبيرة ولواحقها وكذا لو كان عليها نجاسة لا يستطيع غسلها لألم ونحوه، كما صرح بذلك جماعة من الأصحاب منهم الشيخ في مبسوطه وخلافه، والمصنف في المعتبر، والعلامة في المنتهى وغيرهم، بل ينتقل حينئذ إلى التيمم، وكأنه لعدم الالتفات