بعد الاجماع بقسميه على خلافه سيما فيما يتضرر بتلفه، ومنع ظهور خبر يعقوب في الخوف بالنفس، لوجود لفظ اللص الظاهر في الخوف منه على المال، كما يشهد له فهم الأصحاب من ذلك، ولا ينافيه لفظ النفس قبله، وظهور استقراء أخبار التيمم في سقوط المائية بأقل من ذلك بل وغيرها من الواجبات الأصلية فضلا عنها، مع أن أصل مشروعية التيمم لليسر - أن أدلة العسر والحرج غير قابلة للتخصيص، لظهورها أن ليس في الدين ما فيه حرج، فليست هي من قبيل الأصل كما بين في محله، وبعد التسليم فهي أرجح من وجوه عديدة لا تخفى.
نعم قد يناقش في كون بعض أفراد ذهاب المال هنا عسرا وحرجا، لكن إطلاق الاجماع المحكي وغيره كاف في إثبات الحكم فيه، ومنه مع شمول النص السابق صرح غير واحد من الأصحاب بل نسب إليهم في لسان جماعة مشعرين بدعوى الاجماع عليه إن لم يكن محصلا بعدم الفرق بين المال القليل والكثير، وهو الفارق بينه وبين بذل المال وإن كثر في الشراء، مضافا إلى ما في اغتصاب المال من الغضاضة التي لا تتحمل، بل قد يجود بعض الناس بنفسه دونها، بخلافه في البذل بالاختيار كما أشرنا إليه سابقا، بل صرح في جامع المقاصد وغيره أنه لا فرق بين ماله ومال غيره، لكنه لا يخلو من تأمل فيما لا يجب حفظه عليه من أموال الغير ولم يكن في تسلط اللصوص عليهم غضاضة عليه من عياله ورفقائه المستجيرين به اللائذين بحماه، لعدم الدليل الذي يقطع باب المقدمة.
نعم قد يتجه ذلك في النفس، فلا يفرق بين الخوف على نفسه ونفس غيره إن كانت محترمة مع الخوف عليها من السبع وشبهه، كما أنه لا فرق بين المال والعرض، بل هو أولى منه وإن لم ينص عليه في الخبر، لظهور إرادة التمثيل منه ونفي الحرج وغيرهما، وفي إلحاق عرض غيره به مع عدم التعلق به ولو من جهة الاستجارة ونحوها إشكال، ومن الخوف الخوف من الحبس ظلما، وكذا المطالبة بحق عاجز عن أدائه،