منها أن يبدأ بعلفها إذا نزل " فتحترم لذلك لا من جهة المالية، وفي الخبر عن النبي (صلى الله عليه وآله) (1) ما من دابة إلا وهي تسأل الله كل صباح اللهم ارزقني مليكا صالحا يشبعني من العلف، ويرويني من الماء، ولا يكلفني فوق طاقتي " وفي آخر عن أبي الحسن (عليه السلام) (2) " من مروة الرجل أن يكون دوابه سمانا، قال:
وسمعته يقول ثلاث من المروة - وعد منها - فراهة الدابة " إلى غير ذلك (3) من الأخبار المذكورة في كتاب المطاعم والمشارب والتجملات من كتاب الوافي مما يفيد شدة الرأفة بالدواب في أنفسها، ولعله لذا صرح في المسالك بعدم الفرق بين دابته ودابة غيره، وإن كان له الرجوع حينئذ بالثمن، ويومي إليه كلام الأصحاب في باب النفقات، وفي المنتهى عن النهاية أن فيه إشكالا، نعم قد يتجه وجوب ذبحه مع عدم التضرر وإمكان الانتفاع بلحمه وجلده، كما أنه يتجه عدم مزاحمة الحيوانات التي ليست بمحترمة ويجب قتلها كالكلب العقور ونحوه، بل في الذكرى وإن لم يجب قتلها كالحية والهرة الضارية.
وحاصل البحث أنه متى عارض الطهارة المائية واجب آخر أرجح منها قدم عليها كحفظ النفس ونحوه، بل لعل منه كل واجب لا بدل له كإزالة النجاسة عن البدن والساتر الذي ليس له غيره، إذ هو إن كان ظاهرا من تعارض الواجبين إلا أن مشروعية البدل لأحدهما تشعر برجحان غير ذي البدل عليه في نظر الشارع، وأن الاهتمام بشأنه أكثر، كما قيل أو يقال: إن في ذلك جمعا في العمل بهما، فهو أولى من غيره.