وظاهره هنا الموافقة لما ذكره في النهاية، حيث لم يحمل الروايتين على التزويج قبل الحكم. وهو مشكل، لما عرفت من مخالفتهما الأصول المتقدمة، مضافا إلى قصور سند الثانية وتضمنها كالأولى حد الشاهدين، مع أنه لا حد هنا، بل ولا تعزير إن أبديا عذرا يكون مسموعا، مع أنه (رحمه الله) رجع عما اختاره في النهاية إلى مقتضى الأصول في الخلاف (1) والمبسوط (2)، ووافقه الحلي (3) وعامة المتأخرين، عدا الشهيد في اللمعة (4)، حيث اقتصر على نقل القولين من دون ترجيح، معربا عن التردد بينهما، ولعله كما في شرحها لمعارضة الرواية المعتبرة (5).
والمناقشة فيه واضحة، إذ المعارضة بمجردها غير كافية في التردد إلا بعد حصول التكافؤ، المفقود في هذه الرواية، لما عرفت من شذوذها برجوع الشيخ عنها، فلم يبق إلا القاضي. ولا يقدح خروجه في الإجماع على خلافها، مع مخالفتها الأصول من وجوه أخر عرفتها. وإن أمكن الذب عنها بما مضى، مع عدم صراحتها واحتمالها التخصيص الذي قدمناه.
ثم على المختار هل يغرمان الصداق برجوعهما؟ ينظر فإن كان قبل الدخول غرما نصف المهر المسمى، وإن كان بعده لم يغرما شيئا، كما قاله الشيخ في المبسوط (6) والخلاف (7) والحلي (8) وعامة متأخري الأصحاب، وظاهر الأول في المبسوط دعوى إجماعنا على الحكم في الشق الأول.
وهو الحجة فيه; مضافا إلى ما ذكروه فيه من إتلافهما عليه نصف المهر اللازم بالطلاق فيضمنانه.