وأما على القول بكفره - كما هو مختار كثير من قدماء الأصحاب ومنهم الحلي (1) مدعيا الإجماع عليه - فلا إشكال في عدم قبول شهادته لكفره، فلا يدخل في إطلاق ما دل على قبول شهادة المسلم.
ثم على تقدير الدخول فيه فهو معارض بإطلاق ما دل على عدم قبول شهادة الكافر، بناء على إطلاق الكفر عليهم في الأخبار المستفيضة، بل المتواترة (2) المقتضي كونه، إما كافرا حقيقة كما هو رأي بعض الأصوليين، أو مشاركا له في أحكامه التي منها عدم قبول الشهادة.
وعلى تقدير التعارض الإطلاقين والتساقط في البين فالرجوع إلى حكم الأصل متعين.
وأما الصحيح: «قلت للرضا (عليه السلام): رجل طلق امرأته وأشهد شاهدين ناصبيين، قال: كل من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته» (3) فهو وإن توهم منه قبول شهادة من هو عدل في مذهبه من أهل الإسلام، إلا أنه مضعف بأن ظاهره على التوهم المزبور قبول شهادة الناصبي، وهو خلاف الإجماع المنعقد على كفره بالكفر المقابل للإسلام.
ومع ذلك فاشتراط الصلاح فيه يدفع احتمال دخول المعاند، لفساده بفسقه، الناشئ من حكمه بالباطل وغير ما أنزل الله تعالى، فيشمله قوله سبحانه: «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون» (4)، إلى غير ذلك من الآيات المحكوم فيها بكفره وظلمه أيضا، وبفسقه صرح جماعة من الأصحاب هنا، حيث استدلوا لاعتبار الإيمان بأن غير المؤمن فاسق وظالم،