لإثبات اللزوم بالحلف مطلقا، وإنما غايتها الإطلاق الغير المنصرف إلى الحلف بغير الحكم وإذنه، لكونها منساقة لبيان أحكام أخر غير ما يراد إثباته من الإطلاق في محل البحث وأمثاله; مضافا إلى أن الغالب في الحلف في مقام الدعاوي التي هي موردها كونه بحضور الحاكم وإذنه.
وإلى بعض ما ذكرناه وغيره يشير كلام المقدس الأردبيلي (رحمه الله)، حيث قال في بيان دليل الحكم: ولعله أنه من تتمة الحكم ولا حكم لغيره، إذ هو العالم بالكيفية لا غير، أو الإجماع، أو تبادر ذلك إلى الفهم من الاستحلاف في الروايات والعبارات، وبالجملة قد تقرر عندهم عدم جواز الإحلاف لغير الحاكم مطلقا (1).
(إلا) أن يكون المستحلف (معذورا) عذرا شرعيا (كالمريض) والزمن، اللذين لا يمكنهما أو يشق عليهما الحضور إلى الحاكم والخائف من العدو ونحو ذلك (أو) كان (امرأة غير برزة) أي مخدرة ليس من عادتها وشأنها البروز والتردد إلى أندية الرجال والحكام، ويكون ذلك نقصا في حقها وعيبا عليها، أو حائضا، أو نفساء، أو مستحاضة لا تأمن تلوث المسجد بنجاستها، مع كون الحاكم فيه، أو احتياج إلى التغليظ فيه.
وبالجملة كل معذور شرعا يجوز له معه التخلف عن الحلف عند الحاكم، ويستنيب الحاكم حينئذ من يحلفه في موضعه بلا خلاف، لاستلزام الحضور مع ذلك العسر والحرج، المنفيين عقلا وشرعا، وليس في شئ من الفتاوى التي وقفت عليها اعتبار مباشرة الحاكم الإحلاف بنفسه ولو بالمسير إليه مطلقا ولو لم يكن السير إليه نقصا له، ومسقطا لمحله عند الناس.