المتحصل من القضية المتقوم بتمام ما أخذ فيها من موضوع وقيود، فلا مجال لكونه موضوعا للتقييد الذي تتضمنه القضية، لتفرعه عليه، بل ليس موضوع التقييد إلا الذات بنفسها، الصالحة لطروء القيد وعدمه وهي المساوقة لسنخ الحكم بالمعنى الذي تقدم، وإن لم يكن مجعولا أو مخبرا عنه على سعته، لامتناعه تقييده بعد إطلاقه إلا بنسخه.
فمثلا الوجوب في قولنا: يجب إكرام زيد، قد لحظ في مرتبة وروده على إكرام زيد بذاته على ما هو عليه من سعة في المفهوم، وتضييقه إنما يكون بتقييده بموضوعه، وهو إكرام زيد، وفي مرتبة متأخرة عنه.
فهو في المرتبة الأولى سنخ الحكم وطرف للتقييد غير مجعول على سعته، وفي الثانية شخصه الذي تناوله الجعل.
كما أن وجوب إكرام زيد الذي هو مفاد الجزاء في قولنا: أكرم زيدا إن جاءك، قد لحظ في مرتبة تقييده بالمجئ بذاته، على ما هو عليه من سعة، وتضييقه بالشرط الذي يتحصل منه شخص الحكم إنما يكون في المرتبة اللاحقة لتقييده بالشرط، وهكذا الحال في جميع القيود التي تتضمنها القضية.
وحينئذ إذا فرض ظهور التقييد ببعض القيود في الانحصار والإناطة بها فليس المراد بهما إلا الانحصار والإناطة بالإضافة إلى موضوع التقييد وهو السنخ المستلزم للمفهوم، وإن كان الحكم المتحصل من القضية المنشأ أو المخبر عنه بها هو التشخص.
فكون الحكم المجعول أو المخبر عنه هو الشخص لا يستلزم كونه هو المنوط بالقيد والمعلق عليه، بل لا يمكن ذلك بعد كونه متحصلا منهما ومتأخرا عنهما رتبة، بل ليس موضوعهما إلا السنخ، والذات القابلة للامرين.