ولم يتحصل لنا بعد النظر في كلماتهم وجود مخالف في ذلك، كما لم يتضح لنا وجود نزاع جوهري يصح الكلام فيه في هذه المسألة زائد على ما بينا، بل يقرب كون النزاع المذكور فيها شبيها بالنزاع اللفظي ناشئا عن عدم تحديد محل النزاع.
نعم، ربما يكون النزاع فيها مبتنيا على بعض مباحث المعقول، كما يظهر من بعض المحققين (قدس سره) حيث ذكر: أنه إما أن يبتني على النزاع في إمكان وجود الكلي الطبيعي في الخارج وامتناعه، فمن يقول بإمكانه يقول بإمكان تعلق الأمر والنهي بالماهية. للقدرة عليها، ومن يقول بامتناعه يقول بتعلقهما بالافراد، لأنها المقدورة، دون الماهية.
أو على النزاع في أصالة الماهية أو الوجود، فمن يقول بالأول يقول بتعلق التكليف بالماهية، ومن يقول بالثاني يقول بتعلقهما بالافراد.
وحيث لا يسعنا الكلام في تحقيق أحد الامرين، بل لا يبعد عدم رجوع النزاع فيهما إلى محصل، فلا مجال لإطالة الكلام في هذه المسألة بأكثر مما ذكرنا.
الرابع: لا يخفى أن تعلق التكليف بمتعلقه ليس على حد تعلق سائر الاعراض بمتعلقها، لوضوع أن العرض الخارجي لا يقوم إلا بمعروضه الخارجي، ويمتع فعليته مع عدم فعليته، أما التكليف فوجود متعلقه موجب لسقوطه بالامتثال أو العصيان، ولا يكون فعليا إلا في رف عدم وجوده.
بل هو يتعلق بمتعلقه بما له من حدود مفهومية، كما سبق - من دون أن يكون موجودا في الخارج، لكن بنحو يدعو إلى إيجاده أو إلى تركه. فإضافته إليه نظير إضافة التناقض للنقيضين والتضاد للضدين.