ودعوى: أن جواز الفعل لما كان لازما أعم للوجوب وجواز الترك لازما أعم للتحريم، ونسخ الحكم لا يستلزم نسخ لازمه الأعم كان مقتضى الأصل بقاء اللازم المذكور وعدن نسخه.
مدفوعة: بأن الوجوب والتحريم لا يستلزمان جواز الفعل وجواز ا لترك على أنهما حكمان شرعيان، لتجري أصالة عدم النسخ فيهما، لوضوح انحصار الاحكام في الخمسة، بل على أنهما حكمان عقليان، كما أنهما يستلزمان ثبوت ملاكيهما، وكلاهما ليس موضوعا لأصالة عدم النسخ.
نعم، لو حكم شرعا بجواز الفعل قبل جعل الوجوب، وبجواز الترك قبل جعل التحريم، لا يكون جعل الوجوب مستلزما لارتفاع الأول، ولا جعل التحريم مستلزم لارتفاع الثاني، لعدم التنافي بينهما عرفا، أمكن الرجوع فيهما لأصالة عدم النسخ بعد نسخ الوجوب والتحريم.
وهذا بخلاف ما إذا ورد الخطاب بهما بعد جعل الوجوب أو التحريم، لأنه حيث يلغو جعلهما معهما لزم حمل الخطاب بهما على محض بيان اللازم العقلي للحكم المجعول، أو على بيان عدم جعل التحريم، وكلاهما ليس موضوعا لأصالة عدم النسخ. فتأمل.
وحينئذ يكون المرجع هو الأصل المقتضي للبراءة، ولو لاستصحاب عدم التحريم مع نسخ الوجوب، وعدم الوجوب مع نسخ التحريم، بناء على جريانه في مورد البراءة، على ما ذكرناه في مبحث أصل البراءة.
ولا مجال لمعارضته باستصحاب عدم كل من الاستحباب والإباحة والكراهة.