على أن التعذر لا يمنع من ظهور المطلق في الاطلاق لو ورد في مقام البيان، بل لو لم يكن مرادا لا ينبغي الخطاب به، ويلزم البيان بطريق آخر يطابق المراد ويوافق الغرض.
ومجرد كون قرينة الحكمة من مقدمات الاطلاق لا ينافي ذلك، على ما يتضح في مبحث المطلق والمقيد إن شاء الله تعالى.
ومن هنا لا يكون امتناع التقييد - بعد ما سبق من امتناع الاهمال ثبوتا - مانعا من ظهور المطلق في الاطلاق لو ورد في مقام البيان.
وعليه يكون الاطلاق في المقام التوصلية، ويحتاج البناء على كون المأمور به تعبديا إلى الدليل الخاص.
وينبغي تتميم البحث في المقام بذكر أمور..
الأول: أن ما تقدم في تقريب الاطلاق مبني على أن الفرق بين التعبدي والتوصلي في متعلق الامر.
أما بناء على أن الفرق بينهما في سنخ الامر فلا موضوع للتمسك بإطلاق المأمور به، بل غاية الامر التمسك بإطلاق الامر، لدعوى: أن كون الامر تعبديا يحتاج إلى مؤنة بيان، نظير التمسك بإطلاقه لاثبات كونه وجوبيا، لدعوى: أن الاستحباب يحتاج إلى مؤنة البيان، كما تقدم من بعضهم.
لكن حيث كان المحكم في مفاد الاطلاق الارتكازيات المتفرعة في المقام على إدراك الفرق في سنح الطلب ثبوتا، وقد سبق عدم إدراكنا للفرق بينهما، فلا يتيسر لنا التصديق بمفاد الاطلاق المذكور ولا دفعه، بل يختص الجزم بأحد الامرين بمن يدعى الفرق المذكور.