باستقلال كل منهما في الصدور عن النفس، فكما أن الفعل النفساني يصدر منه بسلطنتها وقدرتها عليه مباشرة، فكذلك الفعل الخارجي، وعلى هذا الفرض فكلا الفعلين خارج عن القاعدة المذكورة.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بالنتائج التالية:
الأول: أنه لا يمكن الالتزام بوجود الفعل النفساني في وعاء النفس وقائم بها قيام الفعل بالفاعل في قبال وجود الفعل الخارجي إذ مضافا إلى أنه لا برهان عليه مخالف للوجدان أيضا.
الثانية: أن دفع شبهة الجبر لا يتوقف على الالتزام بالفعل النفساني المسمى بالاختيار، حيث أن بامكان النفس إيجاد الفعل الخارجي بسلطنتها وقدرتها عليه مباشرة بدون الحاجة إلى توسط الفعل النفساني.
الثالثة: أن ما ذكرته مدرسة المحقق النائيني (قدس سره) من عدم انطباق قاعدة أن الممكن ما لم يجب لم يوجد على الفعل الخارجي، لا ينسجم مع التزامهم بأن الفعل الخارجي خاضع للفعل النفساني لا لسلطنة الفاعل مباشرة، وعلى هذا فلا يمكن خروج الفعل الخارجي عن القاعدة المذكورة لأن الخارج منها هو الفعل الخاضع لسلطنة الفاعل مباشرة دون أثرها ومعلولها، فإذن لازم ما أفادته مدرسة المحقق النائيني (قدس سره) عدم انطباق القاعدة على الفعل النفساني فحسب وهو الاختيار دون الفعل الخارجي، أو فقل أنه لا فرق بين كون الفعل الخارجي وليد صفة الإرادة وكونه وليد الاختيار الذي هو فعل نفساني، فإنه على كلا التقديرين خاضع لقاعدة أن الممكن ما لم يجب لم يوجد، غاية الأمر أن الفعل على الأول غير اختياري باعتبار أن صفة الإرادة قهرية بتمام مبادئها وعلى الثاني اختياري، فان وجوب وجوده بالاختيار وفي طوله، والوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار،