لأن الفاعل لا يستحق الثواب والمدح إلا بالاتيان به بقصد القربة، فلو أتى به بدون ذلك لم يستحق المدح والثواب، ونتيجة ذلك أن كل واجب في الشريعة المقدسة واجب تعبدي وهو كما ترى.
وإن أريد به إيقاع العمل في ضمن فرد سايغ لا في ضمن فرد محرم، فسيأتي الكلام فيه في المرحلة الثالثة، هذا تمام الكلام في المقام الأول.
وأما الكلام في المقام الثاني، فيقع في مقتضى الأصل العملي وهل مقتضاه أصالة البراءة أو الاشتغال، فيه قولان:
فذهب جماعة منهم السيد الأستاذ (قدس سره) إلى التفصيل في المسألة، فإن الشك في سقوط الواجب عن ذمة المكلف بالحصة غير الاختيارية إن كان من جهة الشك في سعة وضيق دائرة الواجب، فالمرجع أصالة البراءة عن الضيق وهو تعين خصوص الحصة الاختيارية، باعتبار أن المقام على هذا يدخل في مسألة دوران الأمر بين التعيين والتخيير. وإن كان من جهة الشك في سقوط الوجوب بالحصة غير الاختيارية، فالمرجع أصالة الاشتغال دون أصالة البراءة، باعتبار أن الشك فيه إنما هو في السقوط بعد الثبوت لا في الثبوت فحسب حتى يكون موردا لأصالة البراءة. هذا، ولكن الصحيح في المسألة أصالة البراءة مطلقا، وذلك لأن منشأ الشك في السقوط إن كان الشك في سعة الواجب وضيقه فالأمر واضح، وإن كان منشأه الشك في سقوط الوجوب عن الواجب بالحصة غير الاختيارية، كان يرجع إلى الشك في اشتراطه بعدم تحققها في الخارج أو اطلاقه، فعلى الأول يسقط بتحققها فيه ويكشف عن عدم ثبوته من الأول دون الثاني هذا من الشك في الثبوت، لأن المكلف حينئذ شاك في أنه ثابت عليه من الأول أو لا، من جهة أنه لا يدري أن