رغم ظهور حاله في أنه في مقام بيان تمام مراده، يدل على أنه لم يرد غيرها، وهذا الظهور الناشئ من السكوت في مقام البيان حجة وإن كان من أضعف مراتب الظهور، وفي المقام إذا أمر المولى بالتكبيرة والقراءة والركوع والسجود والتشهد والتسليم في الوقت المعين مستقبل القبلة مع الطهارة من الحدث والخبث والقيام وهكذا وسكت عن قصد القربة ونحوه فيها رغم كونه في مقام البيان، يدل سكوته على عدم دخل غير هذه الأجزاء والشروط في غرضه وإلا لبين، ولا فرق فيه بين أن يكون بيان ذلك بالأمر أو بغيره ولو بجملة خبرية.
وهنا وجه آخر لاثبات قصد القربة في متعلق الأمر، وهو أنه لو كان معتبرا ودخيلا في الغرض والملاك كان على المولى بيانه ولو بجملة خبرية، باعتبار أنه لا طريق إليه إلا من قبل الشرع، فعدم البيان من قبل المولى يدل على عدم اعتباره ودخله في الغرض، والمقصود من هذا الوجه عدم بيان المولى دخالة قصد القربة في الغرض في شيء من خطابه، ومن هنا يظهر أن ما أورد على هذا الوجه بأنه لا يثبت الاطلاق المقامي في شخص خطاب لم يذكر فيه دخالة قصد القربة في الغرض فهو غير وجيه، لأن المقصود من هذا الوجه ليس إثبات الاطلاق المقامي لكل خطاب شخصي للمولى مع احتمال أنه يذكر دخالته في خطاباته الأخرى، بل المقصود منه أن المولى إذا لم يذكر دخالة قصد القربة في الغرض في شيء من خطاباته وبياناته، كان عدم ذكرها قرينة عرفا على عدم دخالته في الغرض.
إلى هنا قد تبين أن مقتضى اطلاق الخطاب سواء كان لفظيا أم مقاميا هو نفي التعبدية واثبات التوصلية عند الشك فيهما هذا، ولكن هناك جماعة ذهبوا إلى أن مقتضى الأصل الأول التعبدية، فالتوصلية بحاجة إلى دليل، وقد استدلوا على