فمن أوجد النار فقد وجدت الحرارة بالضرورة، وهذه الضرورة بما أنها بالاختيار فلا تنافي الاختيار.
الرابعة: أن الفعل الخارجي لا يمكن أن يكون معلولا للفعل النفساني وخاضعا له لعدم التناسب والسنخية بينهما، فإذن لا يمكن أن يكون الفعل الخارجي وليد الفعل النفساني.
الخامسة: أنه على تقدير الالتزام بالفعل النفساني فلابد من الالتزام بأن الفعل الخارجي في عرض الفعل النفساني لا أنه في طوله.
السادسة: ما تقدم من أن الاختيار واعمال القدرة وتأثير النفس في كل ذلك عنوان انتزاعي منتزع من إضافة الفعل الخارجي إلى سلطنة الفاعل كالايجاد والوجود ولا واقع موضوعي لها في وعاء النفس في قبال الفعل في وعاء الخارج.
ثم أن المحقق الأصبهاني (قدس سره) قد علق على مدرسة المحقق النائيني في المسألة بوجوه:
الوجه الأول: أنه ليس للنفس بما هي وبقطع النظر عن قواها الباطنة والظاهرة فعل، فان فاعلية النفس بموجودات عالم النفس إذا كانت في مرتبة القوة العاقلة الإيجاد النوري العقلاني وفي مرتبة القوة الواهمة الغرض والتقدير وفي مرتبة القوة المتخيلة الوجود الخيالي وفي مرتبة القوة الباصرة الأبصار وفي مرتبة السامعة الأسماع وهكذا.
ومن الواضح أن الايجاد النوري المناسب للقوة العاقلة أجنبي عن الاختيار الذي جعلته مدرسة المحقق النائيني (قدس سره) أمرا آخر مما لابد منه في كل فعل اختياري، بداهة أن النفس بعد حصول الشوق الأكيد ليس لها إلا الهيجان