بوجوب واجب آخر وعدم لحاظه، فإنه يكفي في الاطلاق ولا يتوقف على لحاظ العدم، ومقتضى اطلاق الهيئة عدم لحاظ تقيد الوجوب بوجوب واجب آخر، وعليه فلا يدور الأمر في المقام بين قيدين الأول الوجودي والآخر العدمي، بل يدور بين لحاظ قيد وعدم لحاظه الذي هو نقيض اللحاظ.
وثانيا أن الأمر إذا دار بين لحاظ قيدين الوجودي والعدمي فالاطلاق لا يعين الثاني، فإذا أمر المولى باكرام عالم وشككنا في أن المأخوذ في موضوع وجوب الاكرام هل هو قيد العدالة أو عدم الفسق، فالاطلاق لا يعين أن المأخوذ فيه الثاني دون الأول، لأن أخذ كل منهما فيه بحاجة إلى عناية زائدة والاطلاق لا يفي لاثباتها، نعم إذا دار الأمر بين أن يكون الموضوع مقيدا بالعدالة أو لا، فمقتضى الاطلاق عدم تقييده بها لا تقييده بعدم الفسق بنحو العدم النعتي.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة، وهي أن مقتضى اطلاق دليل الأمر مادة وهيئة هو كون الواجب نفسيا لا غيريا، وسيأتي الكلام في بعض خصوصيات هذه المسألة في بحث مقدمة الواجب إنشاء الله تعالى.
الشك في التعييني والتخييري يقع الكلام هنا في مقامين:
المقام الأول: في مقتضى الأصل اللفظي.
المقام الثاني: في مقتضى الأصل العملي.
وأما البحث عن حقيقة الوجوب التخييري والأقوال والاتجاهات في تفسيرها، فسيأتي في مبحث الواجب التخييري موسعا.