قصد الإقامة شرطا زائدا على العلم بها.
وأما عقد القلب فهو أيضا كذلك، لأنه لازم قهري لليقين بشيء ولا ينفك عنه، ضرورة أنه لا معنى لعقد القلب على عدم وجوده مع اليقين به، واما الآية الشريفة فهي لا تدل على أنه فعل النفس وشئ زائد على اليقين، لأن الظاهر من الجحود في الآية الانكار القولي والعملي لا القلبي، إذ مع اليقين بالرسالة والنبوة كيف يمكن انكارها قلبا والعقد في النفس على خلافه، إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة وهي أن ما ذكره السيد الأستاذ (قدس سره) من أن البناء والقصد وعقد القلب من أفعال النفس وتحت اختيارها وسلطنتها مباشرة وجودا وعدما لا يرجع بالتحليل الوجداني إلى معنى صحيح، لما عرفت من أنها بشهادة الوجدان من اللوازم القهرية للعلم ونحوه في أفق النفس وليست تحت اختيارها وقائمة بها قيام الفعل بالفاعل.
وأما الاختيار فأيضا لا يمكن القول بأنه فعل نفساني وراء الفعل الخارجي، بل إنه عنوان انتزاعي منتزع من وجود الفعل في الخارج وليس له واقع موضوعي، بيان ذلك أن الاختيار واعمال القدرة وتأثير النفس كل ذلك مفاهيم انتزاعية منتزعة من إضافة الفعل الخارجي إلى الفاعل وليس لها حقيقة واقعية في عالم النفس قائمة بها قيام الفعل بالفاعل وراء الفعل في عالم الخارج، باعتبار أن الاختيار عين الخيار خارجا والاعمال عين العمل فيه والتأثير عين الأثر والاختلاف بينهما بالاعتبار، فإنه باعتبار إضافته إلى الفاعل اختيار واعمال وتأثير، وباعتبار إضافته إلى المحل خيار وعمل وأثر كالايجاد والوجود لأنهما شيء واحد، فالايجاد باعتبار إضافته إلى الفاعل والوجود باعتبار إضافته إلى المحل، فمنشأ انتزاع تلك المفاهيم هو إضافة الفعل الخارجي إلى الفاعل، هذا